كم أتوق شوقا لزيارة العاصمة الأردنية عمان المدينة الجميلة الهادئة ذات الجبال السبع الشاهقات المضيئات عاليات الهامات .
أربعة عشر عاما قضيتها ناسكا في محرابها عاشقا لجبالها وقلاعها ووديانها وسهولها الجميلة..لم أشعر يوما بغربة ولم اضام ولم اشكو من بأس.
اليوم يغالبني الشوق الجارف الممزوج بالحنين والفقد لمكان سكني بعمان ولشوارعها العتيقة من شارع الجاردنز لشارع الملكة رانيا "الصحافة" ، ووسط عمان وقلبها النابض جبل اللويبدة وفي القلب منه دارة الفنون وهبوطا باتجاه شارع الشابسوغ وشارع الأمير محمد وصولا لمنطقة سقف السيل ومن ثم الاتجاه يسارا إلى المدرج الروماني ومنطقة رغدان.
كل تلك الأماكن باقيه في ذاكرتي بقاء الدم بالعروق .. احياء عمان الجميلة غربا تلاع العلي الصويفية ، عبدون ، الشميساني ، أبو نصير ، الحمر ،صويلح ،وادي السير ، الجبيهة .
يا الله لكم عشقت هذي البلاد التي لي فيها أخبة وأصدقاء كانوا وما زالوا بمثابة الإخوة الغوالي وأصدقاء العمر والزمن الجميل الذين استضافوني بقلوبهم قبل بيوتهم.
يا الله لكم أتوق شوقا اليوم لمدن الأردن السط الهاشمية وعجلون بقلعتها التي تطل مباشرة على الأقصى ومأدبا بقداستها وإطلالة نهر الأردن وجبل نبو والبحر الميت والغور الشمالي والجنوبي بأهله الأصلاء.
وإذا اتجهت شمالا كانت الزرقاء المدينة الأم المجاورة لعمان ومن ثم جرش التاريخية ابنة الأردن الجسور وحاضنة مهرجانها الشهير مهرجان جرش الفني الثقافي الإبداعي التاريخي.ومن بعدها إلى الشمال الشرقي حيث مدينة إربد الجميلة بأهلها ولكناتهم ولهجاتهم المختلفة التي تجمع ما بين الأردنية والشامية بصفتها تقع على الحدود مع درعا المدينة الحدودية السورية الشهيرة.
ومن الشمال إلى الجنوب حيث البادية الجنوبية واهلها النشامى ومعان الأردنية الهاشمية وأهلها الأوفياء المخلصين للقيادة الهاشمية ومن ثم الكرك بلد الباشوات وأهل الخير والكرم والزرم والتاريخ المعتق بالبطولات ومعركة الكرامة الشهيرة.
ولا تفوتني رحلاتنا إلى وادي رم وبحر الرمال الناعمة والمتحركة وجولاتنا بين جبال رم الشاهقة وسهرات السمر والسهر متحلقين حول النار وفي القلب منها دلال القهوة العربية بنكهة الهيل الأصيلة وأباريق الشاي بالميرميةوالحبق والزعتر .
وما زالت تحيا في ذاكرتي عندما اتجه إلى عمق الجنوب المدينة الوردية البتراء التاريخية الجميلة حيث كنا ندلف من ممر السيق باتجاه الساحة التي تواجهها مباشرة الخزنة الوردية التي تشير إلى عظمة وحرفية العرب الأنباط في فن النحت والتشكيل الدقيق المبدع.
ومع المزيد من الاتجاه نحو الجنوب وصولا إلى ثغر الاردن الباسم مدينة العقبة التي تقع في احضان خليج العقبة الشهير في مواجهة مدينة طابا المصرية حيث تفصل بينهما مساحة رحبة من مياه الخليج التي تمتد كزراع من الاردن يحتضن ذراع شقيقه المصري وفي نطاقها قبائلنا الأصلية من احيوات وترابين وسواركة يحفظهم الرحمن جميعا.
اليوم احلق بذاكرتي وذكرياتي على بلاد احتضنتنا وأناس أكرمتنا وقبائل اسرجت لنا الخيل ودواوين وبيوت شعر أشرعت لنا أعماقها دون أبواب ولا نوافذ وبيوت عز وكرم كم سهرنا فيها وتعالت ضحكاتنا بين جنباتها حتى أدمعت عيوننا بهجة وسعادة.
هو الأردن البلد الأغر الأعز بقيادته وشعبه واماكنه ومهرجاناته التي شهدت بين لياليها سهرنا وعملنا ولقاءاتنا التي كانت وما زالت تحمل شجن الحنين وشوق الغياب.
أمنيات تعصف بي وأمل يكاد يضيء مابين جنباتي لعودة قريبة إلى عمان حيث تكتحل العين برؤية الأحباب وعناق البلاد والمدن وعودة الخطى إلى الشوارع والجبال ودروب ديار الاصدقاء والأحبة..فاللهم عودة قريبة لبلاد الهاشميين .. وديار العز والكرم..