هذا هو قدر الاردن.... أن يكون فزعة عندما يتأخر الآخرون أو هدفًا حين تتشابك السهام. له مع الدم صولات وجولات، ومع الوفاء حكايات لا تُروى. لم يغدر يومًا… ولكن غُدِر به مرارًا. أغاث الملهوف ما استطاع إليه سبيلًا، فتح بيته قبل خيمته، وشارك لقمة العيش قبل أن يستكمل نصيبه.
لم يطلب مغنمًا، ولكنهم احتسبوه مغرمًا. ما دخل ساحةً إلا وكان فيها السند، وما خرج من نازلةٍ إلا وقد خفّف الكرب، وداوى الجرح، وستر العيب.
اقتسم الماء والدواء والمسكن… واقتسم الخوف حين خاف الجار، واقتسم الصبر حين اشتد البلاء. بلدٌ يحب الله… والله يحبّه، يرفعه الدعاء، وتحفظه النوايا الصافية، وتمسح عن وجهه الغبارَ دمعةُ أمٍّ وأمنيةُ طفلٍ وأكفّ رجالٍ على السجادة.
جيشٌ… يده على الزناد، وفي قلبه قرآن، ووطن، وأُنشودةُ حقٍّ تسير خلف راية. حادي الركب إذا سار، سار معه الرجاء، وإذا أناخ المطايا، أراحها على كتف العدل والكرامة.
للمُنْتَخي: "أبشر”، وللطالب: "وصلت”، وللغريب: "خذ منّا ما يُرضيك”.
أتعبوا رجال الخيل، وما أتعبوا الخيّالة… لأنهم وُلدوا من صهيل الجبال، ورضعوا من نخوة السهول، فلا تعب يُثنيهم، ولا بردٌ يُجمد أقدامهم.
وإن أظلمت الدنيا، كانوا قناديلها.
وإن احترق الجسد، ظلّ القلب واقفًا كأن فيه روح أمةٍ لا تموت.
وإن نُسيَ التاريخ، كان الأردن حاضره، يُذكّر الغافلين بأن الكرامة لا تُستورد، وأن الفزعة لا تُدرّس، بل تُولد مع النخوة في حضن أمٍّ جبلية لا تعرف الانكسار.