كلّنا يعلم الآثار السلبية التي تمخضت عما يسمى بالرّبيع العربي ، و ما ألقى بظلالهِ على اقتصادِنا من انتكاساتٍ متتاليةٍ ساهمت بإضعافٍ ملموسٍ أثّر بشكلٍ مباشرٍ على اقتصاد الدولة ، و ما مرّ بنا من سنينَ عجاف ما زلنا نعيشها من حيث زيادة نسب الفقر والبطالة ، سواء على الساحة المحلية أو الإقليميّة ، لا سيما أننا نعيش وسط محيطٍ ملتهبٍ غيرَ مستقرٍ أمنياً ، و ما تمرّ به فلسطينَ الحبيبة و الاعترافات الأخيرة من دولٍ متقدمةٍ و المناداةِ بالتجنيسِ ؛ و ما يسمى بالوطن البديل ، نتج عنها العديد من التأثيرات السلبية ، ولا يخفى ما تبعه من ارتدادات أزمة فايروس كورونا المستجِد على العالم بشكلٍ عام وعلى وطنِنا بشكلٍ خاص ، الضربة التي تكاد تشبه الصفعة التي أدّت إلى تدهور الكثير من المُنشآت خاصة المتوسطة والصغيرة ، و بالتالي تسريحُ العمالةِ ممّا أثّرَ بزيادةِ نسبةِ البطالة ، خاصةً لذوي الدّخل اليوميِّ و ما تركهُ وسيتركهُ هذا الوباء من مُخلّفاتٍ وكأنها حربٌ على اقتصادنا و تحديّاً صارخاً على الجميع .
أخواني و أخواتي :
إنّ دائرةَ الحياةِ الاقتصاديةِ دائرةٌ متكاملةٌ كالعمليةِ الكيميائية إذا فقدت عنصراً فقدت جوهرها كالهرمِ إذا اختلّت قاعدته سقطَ رأسَهُ و انهارَ جزءَه بدون استئذان وسقط بكل قوةٍ ودون رحمة ، و هو الأمرُ الّذي يجب أن نلتفت إليه ونحتاط له ونسعى لمعالجته ، فإنّ اقتصادَنا يعني استقرارنا وأمننا وازدهارنا ، و يعني حياتنا و مستقبل أبناءنا ، و يعني الحفاظ على مسيرة أجدادنا الذين بنَوا هذا الوطن بسواعدِهم وبهِمَمِهم العالية ، ولا يتحقّقُ ذلك إلا بتكاتفنا وترابطنا وعزيمتنا لنضع سوياً خطةَ وطنٍ واضحةَ المعالمِ شاملةَ الجوانبِ .
أخواني و أخواتي :
إنّ من واجبنا لتحقيق الغاية المنشودة ترك مالا يستفاد منه من كلام بالماضي و الذي لايحقق مصالحنا ولايخرجنا من الوضع الصعب الذي نعيشه فإذا اخترنا على أنفسنا أن نكونَ مكتوفي الأيدي منتظرين حلّاً فلكياً أو معجزةً تسقط علينا من السماء فإنّ زمنَ المعجزاتِ قد انتهى ، و إذا توقفنا لمعرفة أعداد فتية أهل الكهف فإنه لايفيدنا بشي ، أمّا إذا نظرنا للأصل للاستفادةِ من قصّة الفتيةِ فإنّ ذلك سيجعلنا نخرج من الأزمةِ بكل مايحقق لنا غاياتنا و أهدافنا حيث يقول ربُّ العِزّةِ في مُحكَمِ كتابِهِ :
مَن منّا لا يفتخرُ ابتداءً بِأجدادهِ وما قدّموهُ لهذا الوطن ومَن منّا يُنكِرُ دورَ رجالِ الأمنِ الذين يقومون كلّ يومٍ و كلَّ لحظةٍ بالتّضحياتِ من أجلِ استقرار و أَمنِ هذا الوطن حتى يعيشَ شعبه آمنين مطمئنين ، نحن في هذا الوطن وفي هذه المرحلة الحرِجة نثبتُ كلَّ يومٍ أنّنا كشعبٍ أُردنيٍّ قادرينَ على تجاوزِ هذهِ الأزمةِ ، وأنّ هذهِ ليست شعارات أو مقالة كُتِبت عن جهل ، أنّني ابنُ هذا الوطن و أعيشُ فيه ونشأتُ وترعرعتُ به منذ نعومة أظافري ، و أعلمُ ما هي القُدرات والطاقات المشحونة في إرادة وعزيمة أبنائِه .
أخواني و أخواتي :
لقد كرّمنا اللهُ بفارس هاشمي ، و الجميعُ يعلمُ حنكةَ السياسةِ الهاشميةِ المشهود لها بحكمتها ونقائها و إصرارها على تذليل الصِعاب وتجاوز الأزمات منادياً جلالته بعدّة رسائل على جميع المنابر المحلية والإقليمية والدولية مخاطباً شعبَه المثقف الواعي الذي اجتاب العالم و أثبت موجوديته في جميع القطاعات ، لتتضمنَ رسائل سيد البلاد استغلال الفرص و دفع عجلة الاقتصاد نحو الأمام لنكون الأوائل فيما يتوفر لدينا من أمن واستقرار نُحسدُ عليه كيف لا ؟ والجميعُ يسعى ليكون الأردنُّ ملاذَه أو ليكون له بيتاً أو مأوى فيه ؛ و ذلك لنصبحَ من الدول المصدرة ونحققُ إنجاحَ مفهوم الأمن الغذائي .
أخواني و أخواتي :
الوطنُ ومستقبلُ أبناءنا يتطلبُ منّا الكثير وهنا لا بد أن أُشير أنّه لا بد لنا من تكثيف الجهود لتحقيق نداء جلالة الملك لنجعل الصحة والحياة بأعلى مستوياتها من خلال التعاون الإنساني ، وترك النزاع خلف ظهورنا ،
والاستثمار بالتكنولوجيا واستغلال الأزمات لإنشاء شبكات أمن غذائي عالمي ، واستغلال مايتحلّى به الأردنّ من موقع جيوسياسي ليكونَ مركزاً إقليميّاً متميزاً للغذاء والكوارث قادراً على التعامل والاستجابة لأيّ طارئ سواء على الصعيدِ المحلي أو الإقليميّ ، وهذا سيكونُ له دوراً في تقليلِ البطالةِ وتحسينِ الدخل و حقنِ الاقتصادِ ليتعافى و لنعيشَ بخيرٍ وسلام ....