طبيا لا يعتبر كورونا فايروسا عاديا بل وباء معديا كما ان أبعاده لا تقتصر على الجوانب الجسدية بل يتعداها الى جوانب اخرى نفسية واجتماعية واقتصادية، وهذا مرده الى سرعة هذا الفايروس المصنع بالانتشار ودواعيه المعدية وتاثيراته الاجتماعية والاقتصادية، نتيجة ظروف الحجر المنزلي والعزل المناطقي وصعوبة النقل والتنقل وظروف العمل الصعبة نتيجة التقيد باجراءات السلامة.
ولهذه الاسباب مجتمعة يعتبر جوانب تاثير فايروس كورونا على المجتمع اكثر اثرا من تاثيراته المرضية على الفرد، لذا فلقد تعاملت المجتمعات مع هذا الفايروس الوبائي من مدخلين احدهما اتخذ من سلامة القطيع الحل وآخر ذهب باتجاه الحجر المنزلي والعزل المناطقي العنوان، اما الحل الاول فلقد ارتكز على سلامة التاثيرات والثاني وقف عند سلامة الانسان.
ولان معادلة الحل في هذه السياسات تحوي ايجابيات كما تحتوي سلبيات، فان جوانب تاثيره على المجتمعات نسبية وليست مطلقة لطبيعة المواد الطبيعية التي يمتلكها هذا المجتمع او نتيجة الناتج الاقتصادي الذي تقف عليه المجتمعات المتقدمة، لذا كانت طريقة الاحتساب ضمنية خاصة وليست شكلية عامة، فالمجتمعات التي اتخذت من سلامة القطيع الحل زادت نسبة الاصابات وابقت على الجوانب الاقتصادية عاملة اما المجتمعات التي اتخذت من سلامة الانسان عنوانا فلقد حافظت على محدودية انتشار الوباء لكنها جمدت العجلة الاقتصادية في المقابل، وهذا ما كبدها خسائر في المناحي الاقتصادية و اسقط ايضا اعباء ثقلية على النواحي المعيشية للفرد.
مع استمرار انتشار هذا الوباء فانه يتوقع ان تزداد معها الازمة الاقتصادية وما قد يحدث اضرارا مباشرة في المناخي الزراعية وبالتالي الغذائية.
بقية مقال آفاق - د. حازم قشوع
وهذا ما يستوجب الاستدراك على الصعيد الوطني والاقليمي والدولي، فان تداعيات هذه الازمة الوبائية في حالة استمرارها كما يتوقع الى العام القادم، فان نتائجها ستكون كارثية، وستتحول من وباء مستفحل الى كارثة غذائية.
ولان الامن الغذائي بحاجة الى استراتيجية عمل محلية والى شراكات اقليمية وبرنامج عمل اممي، فان الدعوة التي وجهها جلالة الملك ليكون الاردن مركزا اقليميا للامن الغذائي يحب ان تؤخذ بجدية متناهية في ظل اشتداد التجاذبات الاقليمية والتي تزيد الامر سوءا على سوء الأجواء السلبية التي فرضتها مناخات كورونا المعدية، فان مسالة الامن الغذائي تشكل جوهر الامن واساس الامان للمجتمعات.
وهي مسالة باتت بحاجة الى صياغتها بطريقة مبادرة اقليمية ودولية على ان تاتي ضمن سياق الاستراتيجية الوطنية الاقليمية للامن الغذائي بحيث تسلط الضوء على كيفية الاستثمار واليات الاستثمار وحوافز الاستثمار واماكنه ضمن مخططات شمولية تعد لهذه الغاية تبين اماكن الاستثمار في الجوانب الزراعية والثروة الحيوانية، وهو ما يمكن ان يكون برنامجا حكوميا يتعاطى مع الظروف الموضوعية بفعالية ويقوم بتحويل منعطفاتها الى منطلقات قويمة تدعم عجلة الاقتصاد الوطني وتدعم روافده بروافد تجعله قادرا على تجاوز المرحلة بكل ما فيها من تحديات وصعوبات.