برحيل العميد الركن ممدوح خازر السلمان الخريشا، فقدت المؤسسة العسكرية الأردنية أحد رجالاتها الذين سطّروا صفحات مشرقة في سجل الشرف الوطني، رجلٌ حمل السلاح بإيمان، وارتدى البزة العسكرية بإخلاص، وأفنى سنوات عمره في خدمة الوطن ورايته.
وُلد المرحوم الخريشا في منطقة الموقر عام 1935، حيث تربّى في كنف القيم البدوية الأصيلة، لينضم إلى صفوف الجيش العربي بتاريخ 2 كانون الأول 1954، برتبة تلميذ مرشح في الكلية العسكرية. وعلى مدى عقدين من الزمن، تدرج في المواقع القيادية والعسكرية، حتى أحيل إلى التقاعد بتاريخ 12 حزيران 1974، حاملاً رتبة عميد ركن مشاة بعد أن خدم المؤسسة بكل كفاءة وانضباط.
محطات بارزة في مسيرته العسكرية
شغل المرحوم الخريشا عدة مناصب عسكرية بارزة، من بينها أركان حرب كتيبة، وقائد كتيبة لعدة مرات، ورئيس أركان بقيادة لواء، إضافة إلى موقعه كمساعد مدير الاستخبارات العسكرية للإدارة والتدريب، ومساعد آمر الكلية العسكرية، ومدير التدريب العسكري. كما كانت له بصمات واضحة في التخطيط العسكري والتدريب، وكان مثالًا للقائد الحازم والواعي الذي يجمع بين الانضباط العسكري والبعد الإنساني.
وسام الركن الأصغر
تميّز المرحوم بحصوله على دورة الأركان العسكرية وهو لا يزال برتبة ملازم أول، ليُصبح أصغر ضابط في الجيش العربي يحمل لقب "ركن"، في سابقة نادرة تعكس حجم كفاءته وقدرته القيادية.
محطات دولية ومهام رفيعة
بعد تقاعده من الجيش الأردني، التحق الخريشا بالحرس الوطني السعودي، حيث عمل ضمن برنامج تطوير الحرس الوطني، وتولى منصب مدير الشؤون العربية، مقدماً خبراته في بناء الكفاءات وتحديث البنية العسكرية.
كما شارك في عدة دورات عسكرية دولية، منها: دورة قادة فئات في بريطانيا، ودورة مشاة متقدمة في الولايات المتحدة، ودورة تعبئة متقدمة في باكستان، مما أكسبه أفقًا استراتيجيًا واسعًا وتجربة مهنية ثرية على الصعيدين المحلي والدولي.
الأوسمة والتكريم
نظير جهوده وإخلاصه، نال المرحوم العديد من الأوسمة الرفيعة، أبرزها:
وسام الاستقلال من الدرجة الثالثة
وسام الكوكب من الدرجة الثانية
شارة تقدير الخدمة المخلصة
ميدالية معركة الكرامة، التي تجسّد دوره في صون كرامة الأمة ودفاعه عنها في وجه العدوان.
وداع رجل الوطن
في السادس من آذار لعام 2018، ترجل الفارس، ووارى الثرى جسد القائد الذي بقي حيًا في ذاكرة من عرفوه وعملوا معه. وإذ نستذكر مسيرته العطرة، فإننا نرفع أكف الدعاء بأن يتغمده الله بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، وأن يظل إرثه العسكري نبراسًا يُهتدى به.