مع تطور الانظمة السياسية بمرور الزمن وزيادة نسبة الوعي في مختلف دول العالم كانت الاحزاب على قائمة الاولوية من حيث الدور الذي تقوم به في المشاركة في السلطة وتداولها ،فتعززت القناعة لدى الجمهور بأهمية الاحزاب في النظام السياسي، وكانت النتيجة استقرار مؤسسات الحكم في الدول المتقدمة، وانصرف الناس الى العمل والانتاج واصبحوا يراقبون أداء تلك الاحزاب وما تفرزه وتتخذه من قرارات، ليتم محاسبتهم من خلال صناديق الاقتراع. في عالمنا العربي الامر مختلف تماما فالاحزاب معظمها ديكور فارغة من اي مضمون، أوتكون مناكفة للسلطة القائمة وتعمل في الخفاء، وتسعى للسيطرة على الحكم من خلال الوسائل غير الشرعية، فانخرطت بمارسات اضعفت الحالة الديمقراطية وجلبت الاستبداد والعنف ومكنت الانظمة الحاكمة من استغلال مواقفها لتعزيز القبضة الامنية والابتعاد عن الديمقراطية بحجة مواجهة العبث وتخريب الامن، وعلى عكس الدور الذي تلعبه الاحزاب في العالم المتقدم التي جلبت لشعوبها الرخاء والديمقراطية جلبت الاحزاب في العالم الثالث الايدولوجيات القائمة على التصلب في الرأي ورفض الاخر واعطت المشروعية لانظمة الحكم للاجهاض على اي ديمقراطية ناشئة ولنا بالتجربة الجزائرية مثال كما تجربة غزة ماثلة للجميع وكذلك التجربة العراقية البائسة التي عززت الطائفية والتناحر وكذلك لبنان التي استطاعت فيه الاحزاب من تحويل اتباعها الى قطعان بشرية تؤله الزعيم ووضعوا انفسهم في قوائم المستعبدين. الحال في الاردن لا يختلف كثيرا عما سبق فالاحزاب على كثرتها فهي منزوعة البركة وشخصية، ولم نشهد اي حراك ديمقراطي لها، باستثناء حزب جبهة العمل الاسلامي الذي يعاني منتسبوه من عقدة الانا إذ يوجهون اقسى الردود لمنتقديهم، وكنا نعول ان يكون الحزب نموذجا للديمقراطية الحزبية ولكنه فشل في العديد من المناسبات لانه يؤمن بالاقصاء اما الاحزاب التي تدعي انها برامجية فلم نعرف برامجها والى ماذا تستند وهل هي موجودة كفكر وروح بين الجمهور، اعتقد ان تلك الاحزاب لم تقدم الصورة الفضلى ولم تخرج من غرفة الخداج فبقيت هذه الاحزاب تراوح مكانها منذ حصولها على رخصة التأسيس من وزرة الداخلية فأصبح همهم المحافظة على حظورهم بعقد مؤتمر سنوي يغيب فيه كل شيء وتحضر المناسف لجلب الجمهور، ليقف الامين العام ويتلو بيان الحزب وانجازاته التي لا تتعدى عقد محاضرات صورية. قضايانا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لم تحظى باهتمام تلك الاحزاب فانطبق عليها المثل القائل" ما مع قريش خبر" الاردن يمر بظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية بالغة الدقة فلم نسمع او نرى حضور للاحزاب وكيف يمكن ذلك، وتلك الاحزاب لم تجري فيها انتخابات منذ تأسيسها لتغيير الامين العام على الاقل مع احترامي لبعض الامناء العامين النشطاء على الصعيد الشخصي. ان لم تكن الاحزاب حاضرة في الانتخابات وتعبر عن رأيها سواء بالمشاركة او المقاطعة فمتى تكون، لدينا قضايا كبيرة ومهمة البطالة والمخدرات والحالة الوبائية والتعليم والاصلاح السياسي كل هذه الامور لا تعيرها غالبية الاحزاب أي اهتمام ..وعليه يصبح السؤال المشروع ما حاجتنا لتلك الاحزاب الغائبة عندما يكون الحضور ضروريا؟.