بقلم الدكتور قاسم جميل العمرو تشكل البرلمانات المنتخبة المرآة التي تعكس الصورة الحقيقية للمجتمع من حيث مستوى الوعي وطبيعة العلاقات القائمة وكيفية تفكير الناس لمواجهة التحديات بعيدا عن التناحر العشائري او الفئوي او المناطقي؛ وثمة عوامل مهمة تساهم بتشويه صورة المنتج الانتخابي في الاردن يدركها الجميع ويتحدث عنها ولكن دون جدوى حيث يتم توجيه النقد وترتفع الاصوات المطالبة بوضع اسس تعبر حقيقة عن إرادة الناس وفق منهج واضح تُعرى من خلاله كل صور القبح والتجاوز التي يقع ضحيتها الناخب في مجتمعنا ، وحتى نكون منصفين، فإن المسؤولية بكاملها تقع على الحكومات باعتبارها حالة متقدمة من الوعي والاطلاع على مختلف التجارب العالمية في هذا المضمار وكان لزام عليها تقديم صوراً تتوافق ديمقراطيا مع ما هو معمول به في الانظمة المتقدمة وتراعي خصوصية المجتمع الاردني، لان مجلس النواب لا يعول عليه في هذه الناحية لانه نتاج قانون انتخاب مشوه تشوبه الملاحظات السلبية التي تقودنا دائما الى برلمانات هزيلة. الاردن دولة تتفاخر بانها من أوائل دول المنطقة في نسبة التعليم وتدني نسبة الامية، ولكن من الواضح ان هناك خطوط عرضية وطولية تحجب الرؤية وتهدم الافكار التوعوية التي ترتقي بحياة الناس وتحسن اسلوب الحوار، والتفكير المنطقي بالقضايا المصيرية، فيدخل الناس في حوارت تشتتهم وتحرف بوصلتهم عن الهدف الحقيقي وهو انجاز حالة وعي بمستقبلهم ومصيرهم، فيتشت الانتباه وتفتعل صراعات ومواقف متباينة بغية ابقاء الناس في حالة أمية سياسية فتبدأ عملية البحث عن الهوية الفرعية، وجر الناس بأسلوب القطيع، الى ساحات ثانوية بعيدة عن الهدف الاساسِ، وكم اشعر بالالم وانا ارى مهرجاناً انتخابياً يتصدر المششهد فيه شخص منتفخ ماليا يخطب بالناس وآخر يحمل كتابا مقدسا ليقسم عليه الجمهور انهم سيقفون خلف هذا المرشح بالمال والعيال. الاردن وطن يستحق اكثر من ذلك فان كانت الوجوه ذاتها ستعود وان غاب بعضها سيأتي آخرون من نفس الفصيلة، وسنبقى نراوح ذات المكان، لا نتقدم خطوة على طريق الديمقراطية وفي هذه الحالة يكون السؤال المشروع ما حاجتنا للانتخابات؟ وهل نريد ديكورا نحسن فيه صورتنا أمام الاخرين وعورتنا بارزة للعيان؟. اما العامل الاخر الذي يقيض الانتخابات هو الطلاسم التي تجتاح العقول وسيطرة المكاسب المادية على الاشخاص وارتفاع الانا ولعبهم بعواطف الناس وراء الرغبة في خوض الانتخابات إذ لم نشهد قولا واحدا نستطيع من خلاله قراءة فكر هذا المرشح أو ذاك، لذلك الانتخابات ستكون ميدانا، للمتنفذين ماليا اصحاب المال الاسود وللفتوات والبلطجية يسوقون الناس الى الصناديق تحت شعارات زائفة، وتصبح العملية مشوهة برمتها. الحل هو قانون انتخاب عصري توافقي يزيل التشوهات الحالية، ويحقق الحد الادنى من الديمقراطية وحتى يكون ذلك ممكنا يتم تأجيل الانتخابات ودعوة المجلس الحالي لدورة عادية يقر خلالها قانون انتخاب حضاري، ثم يتم حل المجلس وتجري بعدها الانتخابات، ولا باس من تضمين القانون فكرة العزل السياسي لابعاد المفسدين عن المشهد السياسي. استاذ العلوم السياسية جامعة البترا