عندنا مشكلةٌ حقيقية، تضرب مخرجات الحوار الوطني بانتظام، اسمها المغالاة ! مغالاةٌ في الموالاة. ومغالاة في المعارضة !!
فأيّ نقد لأداء النظام السياسي والحكومة ومؤسسات الدولة، يقابَل بهبةٍ ممن يعتقدون ان النظام والحكومة فوق النقد !! فيتهمون المنتقدين بأنهم حاقدون مشبوهون مندسون ...
وأي اطراء واشادة بأداء النظام السياسي والحكومة ومؤسسات الدولة، يُقابَل اصحابُها بسيلٍ من الأحكام النمطية الجاهزة: شبيحة، منتفعون كُتاب التدخل السريع ...
إن كل اشكال المغالاة والتهويل والتقليل، هي تعصب وضيق افق و فقر سياسي وهشاشة معرفية.
ونتيجة كل ذلك الحاق افدح الاضرار بالإصلاح والتنمية والتقدم.
ويُلاحظُ كل ذي عينين، أن موجة الإدراجات والكتابات وأشرطة الفيديو المتكاثرة ومعظم الندوات، تركز بقصد وبلا عفوية، على السلبيات فقط، التي أَعترفُ انها موجودة وكثيرة وتحتاج الى نقد وكشف وفضح حتى.
ونلاحظ أن المحتوى الذي يتسيّد ما نقرأ ونسمع ونشاهد، هو التبخيس والتخسيس والتشكيك والتفكيك والانتقاص من الإيجابيات والإنجازات والمبادرات، التي أَعترفُ انها كثيرة ووفيرة. ويحتاج منجزوها الى التقدير والثناء والمكافأة.
وتعلمون ان أحد عوامل رفع «دوز» النقد، هو لحصد الشعبوية ولتحقيق «أشياء اخرى». وبالطبع سيرتفع الصوت مع اقتراب المراثون الانتخابي.
ويلاحظ الناس ان إشاعة روح الإحباط والقنوط، والهدم واللطم، والسواد والحِداد، تجري بشكل مركز بهدف نزع ثقة المواطن بوطنه.
و مِن الغفلة ان لا نشك في الدوافع والروافع !!
إنه مخطط طويل المدى لإظهار اننا دولة هشة ضعيفة تعجز عن التصدي لأية مشكلات.
فليعلم من لا يعلم، ان بلادنا صلبة قوية قادرة، لا تتوقف عن التجدد والتكيف والحركة، كراكب الدراجة الهوائية الذي ان توقف وقع.
وهذه البلاد تطبق قاعدة «إن أسوأ حل، هو افضل من عدم القدرة على الحل».
ويطمئننا ان «قوات النخبة» المثقفة الأردنية، والقوة الإعلامية الأردنية الناعمة، التي تتوزع على الصحافة والإعلام والثقافة، ليست أكياسَ تدريب ولا نشافاتٍ، تأخذ ما يقذف عليها باعتباره الحقيقة المؤكدة !