مع سخونة الاجواء الانتخابية الامريكية والتنافس المحموم على سدة بيت قرار في البيت الابيض اضحت السياسات الخارجية تقرر ميزان الاصطفاف، ودرجة الاصطفافات الدولية تؤطر ضمن الميزان الانتخابي وهذا ما يمكن مشاهدته بوضوح مع اشتداد سخونة الاجواء في موقعة الجزر اليونانية / التركية، لاسيما بعد ما تم اكتشاف مخزون الغاز الاستراتيجي في البحر المتوسط قرابة الجزر الساحلية التركية اليونانية، هذه الجزر الاقرب للاراضي التركية مع ان ترسيمها الدولي جاء لصالح اليونان منذ انتهاء الحرب العالمية الاولى .
اذن تركيا المؤيدة من دونالت ترامب تريد تغيير ضابط المعادلة الجيوسياسية على حساب الاتحاد الأوروبي هذه المرحلة في موقعة اليونان، بعد انسحابها التكتيكي من المناورة في الذخيرة الحية التي شنتها على ليبيا تعميدا لدورها المتوسطي ووصولا الى طرابلس التاريخية في الذاكرة التركية العثمانية، بينما مازالت تقوم في بسط نفوذها بتسارع في الخاصرة الشرقية لآسيا وعلى امتداد الاراضي الطورانية وصولا الى تركستان الشرقية، بعد الكرت الأخضر الذي اخذه اردوغان من الرئيس الامريكي دونالت ترامب وعدم الممانعة من روسيا.
فلقد اخذت تركيا تشكل عنوانا لإمبراطورية قادمة قد تعيد تشكيل عنوان ضابط الايقاع الاقليمي في حال تم تعميد نفوذها على حساب الاتحاد الأوروبي بموافقة امريكية روسية، هذا اذا ما نجح الرئيس دونالت ترامب من جديد، بينما تنظر أوروبا بشغف لعودة اللون الازرق الى بيت القرار بقيادة بايدن والذي تامل منه ان يخلصها من القضاء الاحمر الذي يقوده ترامب .فيما تشارك في معركة الاصطفافات هذه دول صغيرة كان يجب عليها التزام الصمت وعدم المشاركة على الاقل في الوقت الراهن للمحافظة على وجودها، فان مصفوفة التحالفات تتغير بطريقة متسارعة وهي ليست استراتيجية حكما لانها تندرج في سياق المشهد الانتخابي الامريكي الذي قد يتغير في الثالث من نوفمبر القادم .
تل ابيب هي الاخرى تتعرض لذات الأجواء وبطريقة عميقة هذه المرة مع سخونة التظاهرات الاسرائيلية في تل ابيب والقدس وبقية المدن، هذه التظاهرات التي تطالب نتنياهو بمغادرة موقع رئاسة الوزراء مع فتح الباب امامه لخروج آمن الى سدة الرئاسة الشرفية ليكون رئيسا للدولة لمدة سبع سنوات، لضمان عدم محاكمته قضائيا، وهذا ما سيحول جميع المشاريع التي طرحت الى سلة المهملات بعد الاعلان الصريح لجو بايدن الذي اعلن فية مؤخرا، عدم موافقته لإجراءات الضم ووقوفه مع حل الدولتين .
اذن العالم يرسم صورة تعنون اهمية الانتخابات الامريكية ليس فقط على مستوى الدول النامية بل ايضا على صعيد الدول الاقليمية والدولية، وهذا ما يؤكد ان عناوين المرحلة تصنعها واشنطن وان كانت تنفذها بعض الدول، كما ان السياسات القادمة ستحمل اجواء الانتهاء من ظاهرة الوباء بطريقة مفاجئة كما انتهت قضية الارهاب بطريقة مفاجئة ايضا .
فان تعاطي المجتمعات مع مناخات المشهد الدولي بحاجة الى قراءات موضوعية اولا، وجمل استدراكية قادرة على تعزيز العوامل الذاتية للدولة، وعاملة على التخفيف من مقدار وطأتها المباشرة على مجتمعاتها، وذلك ضمن جمل احترازية وقائية، قبل عملية التفكير في الاصطفافات التفاعلية وإعلان المواقف الشكلية او الضمنية.
هذا لان رياح التغيير وحدها وليس جملة او افعاله ربما ستقوم بقذف هذه الدولة او تلك في مربع المجهول، فان الحذر واجب في اجواء اللامحذور، والاصطفافات غير مرغوبة ولا مطلوبة في ظل تصاعد الغبار الانتخابي والاصطفاف الاممي وصعوبة الاستسراف اليقيني من نتائج الاحداث، لذا فان الانتظار والترقب سيد الموقف .