يعتبر مجلس النواب من اهم المجالس الدستورية في الفقه الدستوري، ليس لان نظام الحكم لدنيا نيابي ملكي فحسب بل لان مجلس النواب ايضا هو المجلس الوحيد المنتخب في السلطات الثلاث، فلا يوجد سلطة من هذه السلطات يتم اختيارها عبر صناديق الاقتراع سوى مجلس النواب فلا السلطة القضائية منتخبة ولا السلطة التنفيذية يتم اختيارها عبر صناديق الاقتراع والمالك الوحيد للشرعية الشعبية هو مجلس النواب.
ولان مجلس النواب المالك الوحيد للشرعية الشعبية فهو وحده قادر على منحها او حجبها دون غيره، لذا اعتبر مجلس النواب في الفقه الدستوري ونصوصه مطبخ القرار السياسي وبيت صياغه القرار وصيانته،اما في طريقة ممارسة المجلس لعمله فان القضية مختلفة والواقع مغاير عن ما ذهب اليه المشرع الدستوري في المقصد والنص وفي المضمون والمغزى.
وهذا مرده ليس فقط للنصوص الدستورية المرتبطة بكيفية عمل مجلس النواب بشكل اجمالي، بل لمنظومة عمل القوانين العامة المرتبطة بطبيعة اداء مجلس النواب وكيفية اختيارهم، والتي يشكل اساسها قانون الأحزاب ونظام الانتخاب اضافة للنظام الداخلي لمجلس النواب وطريقة تصويت مجلس الامة عندما تجتمع الغرفتان معا اعيانا ونوابا في مجلس واحد، فان منظومة العمل هذه بحاجة الى اصلاح تعيد دور مجلس النواب الى مكانته في الامساك بزمام الامور.
فان ما كان يميز برلمان 89 , هو كثرة السياسين والحزبيين في داخله وقد جاء بهم نظام انتخابي اقرب للإنصاف العمل السياسي، اضافة الى مناخات المجلس في حينها والتي وقفت عند تحالف الراي وإتلاف الراي الاخر حيث ولدتها عناوين تيار المعارضة وتيار الحكومة في اروقة المجلس وكانت النسب متقاربة الى درجة قريبة.
لقد كان يمكن لبرلمان 17 انجاز حالة نوعية يمكن البناء عليها، عندما تم اقرار نظام انتخابي مبني على اساس القائمة الوطنية في حينها، حيث افرز مجلسا احتوى على ستة احزاب سياسية من خلال رؤسائها، حيث كان يمكن للنظام الانتخابي هذا تطويره من خلال توسيع القائمة الوطنية في النظام الانتخابي، ان يضع الارضية الملائمة امام الاحزاب السياسية للمشاركة وتقديم نموذج حقيقي لافراز النائب السياسي وليس النائب الخدماتي وذلك من اجل عمل جماعي يحقق منطلقا قويما للعمل الكتلوي النيابي والحزبي نبتعد فيه عن العمل النمطي للكتلة النيابية التي تلتقي في المجمل عند انتخابات اطر المجلس وتشكيل لجانه ولاغراض تكتيكية وليست استراتيجية.
ولهذه الاسباب التي ذكرت فان الاحزاب السياسية لابد ان تشارك في الانتخابات البرلمانية القادمة من اجل الاصلاح في القوانين الناظمة، ومن اجل دعم مشروع الاصلاح النهضوي، ومن اجل الارتقاء في العمل النيابي الى مستويات افضل، من هنا تاتي اهمية مشاركة الاحزاب والقوى السياسية بالترشيح والتصويت في الانتخابات النيابية القادمة، ومن هنا تبدا مسؤولية المواطن بالاختيار واهمية التصويت من اجل الاصلاح وتطوير المسيرة، ومن هنا ندعو الجميع لضرورة المشاركة من اجل الوطن ورسالته ومن اجل الاردن ومكانته.