نجحت الدولة الاردنية في تقديم نموذج وقائي ميز طابعها واجواءها، هذا النموذج الذي جعل من المجتمع الاردني يعيش حالة آمنة وبائيا ومستقرة اجتماعيا ومبادرة سياسيا، اكد على قدرة الدولة الاردنية في التعاطي مع الازمات حتى لو كانت تحمل صفة الجائحة العالمية، حتى غدا المجتمع الاردني بفضل هذه السياسات التي حقق نجاحات ان يعيش اجواء صحية آمنة على الرغم من رياح كورونا التي مازالت تجتاح العالم وترهق ظروفه المعيشية و تعيق دوران اقتصادات المجتمعات المتقدمة، وهذا صورة مهمة لا بد من البناء عليها وجعلها ارضية عمل يمكن الاستثمار فيها.
وفي ظل حالة الاغلاق التي تشهدها المطارات العالمية وصعوبة عمليات التنقل والنقل فان سياسية الاعتماد على اطوار العمل الخدماتي باتت صعبة المنال، وهنا نتحدث عن السياحة باطوارها المتنوعة التروحية منها والعلاجية وحتي الثقافية، وهذا مرده للتصنيفات العالمية التي اعتبرت نقاط الاستقطاب السياحي المستهدفة في الخطة السياحية لا تقع ضمن العلامة الخصراء في معظمها وهي العلامة التي يمكن لمجتمعاتها الدخول الى الاردن دون الدخول في فترات الحجر الصحي الالزامي، وهو تحد لا بد من اجتيازه حتى تتمكن الخطط السياحية بكل روافدها العمل، وهذا بحاجة الى برنامج عمل ياخذ في الأسباب الموضوعية الصحية ويستثمر في مناخاتها لتحقيق حلول ناجحة تتجاوز هذه التحديات والتي قد يقترح منها ما يلي:
اولا، ومن البرامج التي يمكن تقديمها لتحقيق اختراق ضمني لهذا التحدي في مجال السياحة الترويحية تتمثل في تقديم برنامج سياحي اسبوعي باسعار رمزية لكل زائر على ان يقيم في الحد الادنى اسبوعين في ذات الفندق، ونكون بذلك قد استجبنا للمقتضيات الصحية واستقطبنا افواجا سياحية وعاد عمل الطيران.
ثانيا ؛ اما في مجال السياحه الثقافية، فان في اقامة الندوات التي تعتمد على تنظيم برنامج عمل يشتمل الزيارات الميدانية واللقاءات الوجاهية اضافة الى برنامج التواصل الثقافي يشتمل المواقع الحضارية والسياحية، سيؤدي الى رفد الوعاء الثقافي وتنشيط عمل هذا المضمار المهم.
ثالثا : وفي مجالات السياحة العلاجية فان هذا المسار بحاجة الى برنامج عمل واسع يقوم على التبادلية بين الاردن المجتمعات المجاورة، او المجتمعات التي لا تمتلك التقنيات والخبرات الضرورية للاستطباب، هذا اضافة الى برنامج اخر يشمل عمل الذهاب في المساعدة التقنية والنقل لغايات الاستشفاء، وهو برنامج يعول عليه في تنشيط الحركة السياحية وتحريك العجلة الاقتصادية، لما يميز مجتمعنا الاردني بهذا المجال، الذي بات يشكل علامة فارقة.
اما الاتجاهات المتممة التي من ابرزها القطاع الزراعي والثروة الحيوانية، فان الامر ما زال يفتقر الى وجود برنامج ناجع يحدث عملية الاستجابة المطلوبة من خلال الاستثمار في الارض والثروة الحيوانية، وهذا مرده لعدم وجود بوصلة جغرافيا تنموية في هذا المضمار، الامر الذي يتطلب متابعة سير المخططات الشمولية اللازمة لفتح افاق جديدة امام روافد العمل الزراعي.
وقد تكون الفرصة مواتية لدفع مسار الذكاء الاصطناعي للعمل والابتكار لما يحظى به مجتمعنا الاردني من كفاءات قادرة على صياغة وتصميم برامج عمل خيال هذا المسار العام في ظل التقدم المهم للتكنولوجيا المعرفية في اطار مناخات العولمة المعرفية السائدة.
فان الفرص مازالت متاحة والعالم ما زال ينتظر اكتشاف مفتاح عودة الحياة الطبيعية الى عهدها والذي يشكل اللقاح عنوانه، ان نعمل اولا على توثيق التجربة الاردنية للانسانية جمعاء والقيام بالاستثمار المباشر وغير المباشر في البيئة الامنة والمسقرة التي التي نجحت الدولة الاردنية في المحافظة عليها باستراتيجية عمل ناجحة.