فعلى الرغم من حدية التصريحات وسخونة الاجواء المصرية التركية وحالة التضاد الايدولوجي والمنهجي بين الطرفين، الا ان ناتج الاسباب يشير بالاستدلال وليس بالاستعلام بان المحصلة يتوقع ان تحمل عنوانا فاصلا وعناوين شراكة. فان الحالة الاستراتيجية التي يقف عليها الطرفان المصري والتركي لا تشير الى احتدام بقدر ما تؤكد على ثابت الاقتسام على خط سرت - الجفرا، والذي يقسم ليبيا الى قسمين متساويين تقريبا.
وهذا ما سيمكن مصر من رسم خط حدودي ومنطقة نفوذ امنة لها على خط سرت - الجفرا، كما سيشير عن الوجود التركي في الشمال الافريقي ويحقق بذلك نقطة تعادل صفرية برعاية روسية هذه المرحلة وبتوافق امريكي وبرسالة استفزازية للاتحاد الاوروبي. اما الفائدة فيتوقع ان تعم الجميع، وربما تطال ترامب وحالته الانتخابية، فان جميع المشتركين والمتداخلين في ليبيا لهم مصلحة بإنجاح ترامب في الانتخابات الرئاسية، طبعا بعكس دول الاتحاد الأوروبي باستثناء بريطانيا، كما تشيير محصلة القراءات.
فان واقع التقديرات العسكرية المصرية التركية من الواضح انها لن تحقق نصرا للمصريين ولا هزيمة للاتراك كما تؤكد الحسابات الاستراتيجية، وان كانت تحمل تفوقا ضمنيا لمصر يتمثل في دعم الارض لصالح الامتداد اللوجستي، كما ان حالة الحضور الروسي في مسرح الاحداث سيضمن رعاية خطوط التماس من اجل تحديد حدود المناطق واقتسام مساحات النفوذ والموارد الطبيعية التي ستساعد مصر بدعم اقتصادها وتساعد الاتراك في تعزيز مركزية الامن القومي التركي بالوصول لمنابع الغاز والبترول وايجاد مكانة لها كما لروسيا في جنوب البحر المتوسط.
اذن دخول الجيش المصري الى الخط الفاصل قرار مشروع ضمن هذه القراءة ووصول البارجات التركية امر معلوم الى شواطئ طرابلس وحتى ايجاد قاعدة عسكرية تركية باتت معروفة الابعاد والحيثيات، فان تمت هذه الشراكة على الاراضي الليبية، فانها ستعمل على رفد الاقتصاد المصري بما يحتاجه ودعم الاقتصاد التركي بما يريده.
صحيح ان عملية الاقتسام او التقسيم في ليبيا مازالت في بدايتها، لكن نهاياتها تبدو مقروءة لبعض السياسيين، وهي ما ستشكل انتهاء فترة مخاض للمشهد الليبي بعد ما تم التوافق في بيت القرار الاممي على كيفية تشكيل نهايات المشهد ليكون بين التحالف المصري الاماراتي والتركي القطري وضابط ايقاع روسي، ولم يبق سوى لحظه الاعلان الرسمي وكشف اللثام عن الاحداث والاعلان عن المحصلة العامة التي اقرتها محصلة التوافق وان كان ايضاح الصورة سيحتاج وقتا أما مقرراتها فتبدو بالاستدلال الضمني واضحة او على الاقل مقروءة، وتقوم على عناوين من الشراكة الندية وليس الطبيعية، ضمن اطار مصلحة محددة نقاطه وعناوينه وحتى شرعية وجوده وحضوره.