في السنوات الأخيرة، اجتاحت الساحة التربوية موجة من المفاهيم والمصطلحات الجديدة التي تراوحت بين الابتكار والغرابة، وبين الإلهام والارتباك.
أصبحنا نسمع عن:
التعلم الزاحف… حيث المعرفة تتسلل بهدوء عبر التجربة،
الغباء الإنتاجي… الذي يدعو المتعلم لاقتحام المجهول بحثًا عن حلول مبتكرة،
الفصول المقلوبة عاطفيًا… التي تبدأ من مشاعر الطالب قبل محتوى الدرس،
المناهج غير الخطية… التي تمنح الطالب حرية رسم طريقه في التعلم،
اللا-تعليم… الذي يتمرد على النظام التقليدي ويُراهن على فضول المتعلم،
وغيرها الكثير.
بلا شك، هذه المصطلحات تعبّر عن محاولات جادة لتجديد الفكر التربوي، لكنها تثير تساؤلًا مهمًا:
هل باتت التربية حقل تجريب لغوي؟ أم أن هذه المفاهيم، رغم غرابتها، تعكس تحولًا عميقًا في فهمنا للتعلم؟
نحن بحاجة إلى التمييز بين التجديد الحقيقي الذي يلامس احتياجات الطالب، ويصنع فرقًا في أدائه وسلوكه، وبين تقليد أعمى لمفاهيم براقة قد لا تناسب بيئتنا ولا واقعنا.
فالتربية ليست حقلًا لتجريب المصطلحات، بل ميدان لبناء الإنسان.
وليست وظيفة تنتهي بتسليم معلومة، بل رسالة تبدأ بزرع قيمة.
دعونا نرحب بالتجديد،
لكن بعقل ناقد، وبصيرة تربوية، وضمير يحفظ روح التعليم من الانزلاق إلى موضة فارغة.
فـليكن شعارنا التربوي:
"مصطلح جديد؟ نعم… لكن بعمقٍ إنساني، وأصالة تربوية، وأثر لا يُنسى."