2025-07-21 - الإثنين
تفسير رؤية الفار للعزباء و المتزوجة والحامل والمطلقة nayrouz غزة تموت جوعًا: 995 شهيد في ”مصائد المساعدات” و17 ألف طفل في خطر الموت جوعا nayrouz وفاة العقيد المتقاعد إبراهيم الفرحان البريزات " ابو محمد" nayrouz السفارة الأمريكية في اليمن تسخر من عبدالملك الحوثي بكاريكاتير مثير وتعليق لاذع nayrouz عشائر الأكراد تعلن النفير والفزعة مع بدو السويداء ضد مليشيات حكمت الهجري nayrouz مديريه الامن العام تشكر الزبن والخضير nayrouz تحذير من ”موت جماعي” في غزة مع دخول المجاعة مرحلة حرجة جدًا وارتفاع وفيات الجوع nayrouz باسم ”الرسول الأعظم”.. الحوثيون يهدمون منازل اليمنيين في صعدة بالجرافات nayrouz البرهان يهبط في الخرطوم للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب nayrouz رسالة عبر واتساب تفسد صفقة نيكو ويليامز مع برشلونة nayrouz وفيات الأردن اليوم الإثنين 21 تموز 2025 nayrouz أستراليا تتفوّق على اليابان وتُحرز لقب كأس آسيا للسيدات nayrouz رسميًا: نابولي يعلن تعاقده مع الهولندي سام بوكيما nayrouz ترجل فارس الغذاء والدواء nayrouz آمال ماهر تخطف الأضواء بكلمات نادر عبد الله وتتصدر التريند قبل طرح ألبومها بساعات nayrouz بنك مصر يوقع بروتوكول تعاون مع منظمة العمل الدولية لتعزيز الشمول المالي والقضاء على عمل الأطفال nayrouz بعرض ميوزيكال وفيلم وثائقي.. نغم صالح تطلق ألبومها الجديد "شلق" nayrouz صندوق الاستثمارات العامة وفورمولا إي يساهمان بتمكين 50,000 من قادة المستقبل في مجالات الاستدامة عبر برنامج Driving Force nayrouz السعودية تستعد لاحتضان المعرض الدولي للجمال والعناية بجدة سبتمبر المقبل nayrouz محافظ جرش: "جرش أحلى بهمة أهلها"وتعاون الجميع يثمر واقعا أجمل nayrouz
وفيات الأردن اليوم الإثنين 21 تموز 2025 nayrouz وفاة الشيخ الحاج "خلف فضل المجالي" أبو خالد nayrouz الخريشا تعزي العفيشات بوفاة الشابة سلسبيل حسين علي nayrouz جروان يُعزِّي صديقه حسام كروان بوفاة عمه الحاج نبيل أحمد- أبو أحمد nayrouz وفيات الأردن ليوم الأحد 20 تموز 2025 nayrouz وفاة أب ونجله بحادث مروّع في المفرق nayrouz وفيات الأردن اليوم السبت 19 تموز 2025 nayrouz وفاة رجل الأعمال اليمني البارز أبو بكر الوكيل الحصري لشركة تويوتا في اليمن منذ العام 1956 nayrouz رئيس لجنة بلدية السرحان يقدّم التعازي للسائق تحسين أبو مقرب بوفاة خاله وابن خاله nayrouz فاجعة أليمة.. الطفل "عمر" في ذمة الله nayrouz آل الجندي ينعون فقيدهم محمد عبد الرحمن nayrouz عشيرة الزعبي وآل الخطيب ينعون فقيدهم الحاج محمد حسن الخطيب (أبو وائل) nayrouz الجامعة الهاشمية تنعى الزميل مروح إسماعيل أبو زينة nayrouz وفاة العميد الطبيب محمد مصطفى الجهمي nayrouz وفيات الأردن ليوم الجمعة 18 تموز 2025: إليكم قائمة الأسماء nayrouz "قصة وجع لا تُحتمل… أسامة العواودة يودّع الحياة في طريق الظلام" nayrouz الحجايا يعزي الطراونه بوفاة الحاج سلطان عبدالمحسن nayrouz وفيات الأردن ليوم الخميس 17 تموز 2025 nayrouz الشيخ سعود محمد الرويعي الدهامشه "أبو فيصل" في ذمة الله nayrouz في وداع أميرة أبو صبرة… الراحلة الحاضرة في قلوبنا nayrouz

داودية يكتب ذكريات و عـظـات-19-

{clean_title}
نيروز الإخبارية : محمد داودية

جاءني كتاب النقل من مدرسة سويمة في منطقة البحر الميت، إلى محافظة معان فتلقفته بلهفة وامتنان.

ذلك أنني عشت نحو سنتين من سني طفولتي في معان ودرست فيها صفين ابتدائيين.

عشت في كنف أخوالي الخوالدة- آل خطاب كرام الناس، أميرا مدللا، تحفني العناية والرعاية، أجد لي في عشرات البيوت مودة وحنوا وترحابا.

وكما عشت طفلا في بيت جدي مزعل في معان وانا طفل، سكنت شابا في بيت خالي إبراهيم ابو عادل آل خطاب نائب معان الفارس الجسور.

واذكر ان ابن خالي النائب الفحل عادل ابراهيم آل خطاب زارني عندما نجح في انتخابات مجلس النواب الخامس عشر وسألني النصح في المسار الذي ينبغي أن ياخذه في مجلس النواب.

قلت له وانا اعرف انني اتحدث الى فارس مهاب، لكلمته حساب و دوي هائل في معان التي كان احد شيوخها البارزين، ان ذلك يعتمد على الاهداف التي تريد تحقيقها من وراء النيابة ياخال.

وأكملت ان وجودك في كتلة كبيرة سيعطيك قوة ومساحة اكبر للموالاة او المعارضة.

واضفت: ان ميولك نحو الاخوان المسلمين وصداقتك معهم تصنفك في خانة المعارضة وهذا حقك.

واذا اردت ان تحقق لمعان شيئا من مطالبها العامة والخاصة فيمكن لك ان تنسق مع كتلة عبدالهادي المجالي ومفلح الرحيمي وعبدالله الجازي.

اختار الخال كتلة الاخوان المسلمين ولما وافته المنية يوم الثلاثاء 10 ايار 2011 امّ المراقب العام للاخوان المسلمين الدكتور همام سعيد المصلين عليه في مسجد معان الكبير.

***

تم تعييني، معلما للغة الإنجليزية والرياضة، في مدرسة فلسطين في قلب مدينة معان.

اعتُقل المعلم البعثي، عبد الحميد الذنيبات، الذي كان معلما منفردا في مدرسة بير أبو العلق في الشوبك، فظل طلاب مدرستها شهرين بلا معلم. أعربت عن رغبتي في العمل بالمدرسة إلى حين الإفراج عن المعلم المعتقل.

***

عصرا، حملني عودة المعاني مدير التربية والتعليم في معان، بالسيارة الرسمية إلى قرية بير أبو العلق وطلب مني أن استخدم «يطق» المعلم الذنيبات: السرير والطناجر والبريموس وملحقاتها.

أوصلني الرجل الشديد التهذيب والرفق إلى المدرسة ومضى.

كنا في شهر تشرين الثاني عام 1966، وبرْدُ الشوبك الرهيب في أول تفتحه، وثلج الشوبك الموصوف، في طوره الجنيني.

وجدت في الغرفة سريرا وفرشة ولحاف صوف وصوبة ديزل.

كنت حملت معي «جركني ديزل ورطل خبز وكروز سجائر كمال وكروز كبريت وعبوة سعة كيلوغرامين من زيت الزيتون وعبوة من الزيتون المكبوس الطازج.

وحملت عددا من معلبات التونا ماركة الوردة اليابانية الصنع ومعلبات البولبيف البرازيلي الشهيرة ماركة اكسترا والبيض والملح والسكر والشاي.

وبالتأكيد حملت معي راديو «ترانزستور» وبطاريات إضافية وحقيبة مليئة بالروايات وبدواوين الشعر وأبرزها ديوان المتنبي وديوان الهذليين، الذي فيه أبلغ قصائد الرثاء الإنساني بلا منازع، التي يقول في أبرزها أبو ذؤيب الهذلي في رثاء بنيه وكانوا خمسة أصيبوا في عام واحد:

أَمِنَ المنون وريبها تتفجّعُ والدهرُ ليس بمعتبٍ من يجزعُ.

قالت اميمةُ ما لِجِسْمِكَ شاحبٌ منذُ ابتذلتَ ومثلُ مالكَ ينفعُ.

فأجبتها أن ما بجسميَ انه أَوْدى بنيَّ مِنَ البلادِ وَودَّعوا.

إلى أن يقول أبو ذؤيب:

وإذا المنيّةُ أنشبت أظْفارَها الفَيتَ كُلَّ تَميمةٍ لا تَنفَعُ.

وعن بيت من نفس هذه القصيدة العينية قال الأصمعي ان أبرع بيت قالته العرب هو بيت أبو ذؤيب:

والنفسُ رَاغِبَة إِذا رَغَّبْتَهَا،

وَإِذَا تُرَدُّ إِلَى قَلِيْلٍ تَقْنَع.

***

فتحت ثلاث علب تونا أكلتها على الواقف شربت زيتها، تناولتها بدون صحن، بدون ليمون وبدون خبز. اعتقد انني استخدمت اول ليمونة بعد عدة سنوات !!

نمت بعمق لم أعهده، استيقظت نحو الساعة السابعة وتوجهت إلى البئر القريب ومنه «نشلت» دلو ماء.

غسلت طنجرتين وسطلا من الألمنيوم وضعت الماء فيها ثم وضعت إبريق الشاي على الصوبة.

لاحظت وجود صناديق وعلب مغلقة، اكتشفت أن غرفتي مليئة بالمواد الغذائية المكونة من الشاي والسكر وأكياس الحليب المجفف وعدس حب وفاصولياء وبازيلاء ناشفة وأكياس صغيرة من الملح وعدد من عبوات المربى «التطلي». ووجدت كيسي طحين.

حدثت نفسي -ومن غيرها لاحدثه- لعل المعلم الذنيبات يتاجر بالمواد الغذائية.

أفطرت بيضا مسلوقا وبضع حبات من الزيتون، أشعلت سيجارة وتجولت أمام المدرسة في طقس نديّ خرافي النقاء، لدرجة أنني والله العظيم، لمت نفسي على تلويث بيئة بلادي بسيجارتي.

نظرت إلى ساعتي الجوفيال، كانت تشير الى الثامنة. لم يصل الطلاب بعد.

أصبحت الساعة التاسعة والعاشرة والثانية عشرة والثانية بعد الظهر ولم يأتِ الطلاب.

ذهبت إلى القرية فلم أجد فيها أحدا. كنت وحيدا في تلك البقعة الجبلية الباردة.

مرت أربعة أيام لم أشاهد خلالها إنسيا. ولم أتحدث مع احد. بلغ ضجري وتوجسي وترقبي مداه.

كان معي مسدس «بيرتا» اشتريته من معان بسعر 30 دينارا بالتقسيط المريح، دينارين شهريا، بكفالة الخال ابراهيم أبو عادل، تحوطا من الوحوش التي تتحرك على شكل مجموعات والتي حذرني منها هاني سكر ومحمد عوض كريم ومحمد عطية اخو عميرة وعدد من الأصدقاء.

ذات عصر، لمحت خيّالا يتحرك على بعد كيلومترات، لوحت له بيدي فلم الفت انتباهه. أطلقت طلقتين في الهواء. توقف وجال بناظره ثم توجه نحوي.

تغدينا مربى وتونا وبيضا مقليا بالسمن البلدي، كان الرجل يحمله.

قال لي إن الأهالي يغادرون القرية بطلابهم وأغنامهم وخيولهم وحميرهم ودجاجهم وكلابهم، في بداية فصل الشتاء إلى المناطق الغربية الدافئة «المدافي».

وقال إن الأهالي لا يعلمون بعد عن عودة المعلم إلى المدرسة.

بعد يومين طويلين من الانتظار جاء فرج الله. وصل الطلاب ومعهم عجوز وبغلان يحملان متاعا وطحينا.

سكن الطلاب العشرة في بيت واحد مكون من «قَطْعٍ» كبير ومعهم العجوز التي اوكِلت إليها مهمةُ الخبز والطبخ للأطفال: العدس والجريش والرشوف.

عرفت من الخيّال أن المواد الغذائية الموجودة في غرفتي هي تبرعات من جمعيات خيرية دولية لطلاب القرى الفقيرة.

وعلمن ان المعلم كان يوزع المواد الغذائية على الأهالي في مطلع كل شهر. فقررت أن أغير النظام الذي لا يحصل الطلاب بموجبه على إذن الجمل. فقد كان الأهالي يبيعون تلك المواد مقابل الهيشي والراحة الحلقوم وغيرها.

نقلت مقاعد الطلاب من الغرفة الأخرى ذات الزجاج المكسور التي تشبه «الفريزر» في شدّة برودتها، إلى غرفتي وأصبحتُ ادرّس الطلاب فيها.

على الساعة العاشرة صباح كل يوم، بما فيه يوم الجمعة، كنت اقوم بغلي الحليب المجفف في الطنجرة الكبيرة، على بريموس المدرسة الضخم، واسكب للطلاب في أكواب كبيرة، الحليب الدافئ المحلى وهم يتحلقون حول الصوبا ووجوههم غاية في الطمأنينة والاحمرار.

كان ثلاثة من الطلاب في الصف الثاني وثلاثة في الصف الثالث وثلاثة في الصف الرابع وطالب في الصف الخامس.

***

ما أغنى وما أقوى البلد التي تفتح مدرسة وترسل معلما لعشرة طلاب في قرية مقطوعة في مطلع ستينات القرن الماضي !!

**

بعد قليل هطلت ثلوج الشوبك كثيفة بلا انقطاع لمدة ثلاثة أيام، فوصل ارتفاع الثلج إلى نصف ارتفاع باب الغرفة.

لم يأتِ الطلاب فذهبت إلى مسكنهم للاطمئنان عليهم، وصلتهم شبه متجمد، ووجدت العجوز وقد أشعلت حطبا في الغرفة التي يتعذر أن يرى من فيها ابعد من أصابعهم.

ناولتني رغيف خبز ساخنا وقطعة من السمن البلدي وألقت عليّ فروة ثقيلة كانت تنام فيها.

مر وقت قبل أن اشعر بالدفء، أصر الطلاب على أن أنام عندهم، فنمت !

سهّرتهم وحكيت لهم كيف هو العالم في الخارج، ورويت لهم قصصا عن تاريخ المنطقة، عن ممالك اسلافهم الجبارين المؤابيين والآدوميين والأنباط الذين تبعد مدينتهم البترا عنهم، مسافة 25 كيلومترا فقط.

استأت عندما علمت أن الطلاب لم يزوروا البترا !!

عندما حل الربيع، استأجرت «بكبا» بدينارين ذهابا وإيابا، حملَنا إلى البترا، حيث أمضينا يوما كاملا نتجول بين آثارها ونتعرف على تاريخها، من دليل سياحي شهم، يملك مطعما صغيرا أصر على أن يدعونا اليه لتناول طعام الغداء المكون، حسب إصراري، من ساندويشات الحمص والبطاطا المقلية والفلافل وزجاجات كازوز سحويل، التي كان الطلاب يشربونها للمرة الاولى في حياتهم !

أصبحت امضي «الويك إند» في ركوب الخيل من قريتي «بير ابو العلق» الى وادي موسى والبترا حيث أنام ليلة في الفنادق الشعبية. أو امضي العطلة في ضيافة المعلم محمد الملكاوي في بير الدباغات، التي تبعد عني 5 كيلومترات، كلما سمح لي الطقس بالحركة.

كنت أتحرك بعد ظهر يوم الخميس وأنام في قرية بير الدباغات ليلتين وأتحرك عائدا إلى طلابي ومدرستي صباح يوم السبت، فامشي المسافة الفاصلة بين المدرستين، والندى يبلل رموش عينيّ. اصعد المرتفعات واهبط المنحدرات، في الطريق الترابي الفاصل بين القريتين متحزّما بمسدسي البيرتا.

لاحقا استبدلت المسدس ببندقية خرطوش، اصطدت فيها حجلا بالعشرات، كنا نعكف أنا وزميلي الملكاوي على نتف ريشه وتنظيفه ثم نشوي ه على حطب البلوط واللزاب ونأكل أشهى «باربكيو» تناولته في حياتي.

***

كان العالم والناس على نقاء وصفاء وفطرة

وعلى براءة أخّاذة. وعلى عفوية فاتنة. وعلى ودّ باذخ.

وما يزالون.