في ظل تزايد معدلات البطالة وتضاؤل فرص التوظيف في القطاع العام، أصبح القطاع الخاص الملاذ الوحيد للعديد من الشباب الطامحين للعمل، إلا أن هذا الملاذ لا يخلو من المعاناة، إذ يشهد كثير من العاملين في الوظائف الخاصة ظروفًا قاسية، تتراوح بين الاستغلال الوظيفي والاستحقار المهني، في ظل غياب الرقابة الفعالة وغياب تطبيق حقيقي لقوانين العمل.
ساعات طويلة مقابل أجور زهيدة
يعاني كثير من الموظفين في القطاع الخاص من ساعات عمل تتجاوز الحد القانوني، دون مقابل إضافي أو تعويض مناسب، في بعض المؤسسات، يُطلب من الموظف العمل حتى 10 أو 12 ساعة يوميًا، مقابل راتب بالكاد يكفي لتلبية الاحتياجات الأساسية، عدا عن عدم التزام القطاع الخاص بالحد الأدنى للأجور إذ يتقاضى الموظف لديهم أقل بقليل مما يستحق وأقل مما حدده القانون ورغم وضوح قوانين العمل التي تنص على عدد محدد من ساعات العمل اليومية والأسبوعية، ومقدار الراتب المستحقّ، إلا أن التطبيق الفعلي لهذه القوانين يكاد يكون غائبًا.
استحقار وممارسات مهينة
لا يقتصر الأمر على الاستغلال المالي والزمني فحسب، بل يمتد أحيانًا إلى الاستحقار والإهانة النفسية، من خلال أساليب تعامل بعض أصحاب الأعمال أو المدراء، الذين يرون في الموظف مجرد أداة لتنفيذ الأوامر، دون أي اعتبار لإنسانيته أو جهده، ويتعرض البعض لأساليب ضغط نفسي مستمرة، مثل التخويف من الفصل، أو التحقير أمام الزملاء، أو تجاهل الإنجازات.
أين الرقابة؟
تتساءل شرائح واسعة من الموظفين: أين وزارة العمل؟ وأين الجهات الرقابية؟ ولماذا لا يتم التفتيش الدوري على الشركات لمتابعة مدى التزامها بحقوق العاملين؟ الحقيقة أن كثيرًا من الموظفين يخشون تقديم شكاوى خوفًا من فقدان وظائفهم، في ظل غياب بدائل حقيقية، وهو ما يشجع بعض أصحاب العمل على التمادي في الانتهاكات.
دعوة لإصلاح جذري
إن العدالة في بيئة العمل لا تعني فقط ضمان الرواتب، بل تعني احترام الإنسان وكرامته، لذا فإن المطلوب اليوم هو: تشديد الرقابة على القطاع الخاص، وتفعيل أدوات التفتيش والمساءلة، وتوعية العاملين بحقوقهم القانونية وتشجيعهم على التبليغ دون خوف، بالإضافة إلى فرض عقوبات على من يثبت استغلاله للموظفين أو إهانتهم، فالنهضة الاقتصادية لا تتحقق إلا عندما يشعر العاملون بالأمان، ويثقون بأنهم شركاء حقيقيون لا مجرد أدوات.