قرار الكنيست الإسرائيلي اليوم بضم الضفة الغربية والأغوار خطوة نحو الأبرتهايد الكامل وخطة لمواجهتها قانونياً وسياسياً في كافة المحافل الدولية.
ففي خطوة غير مسبوقة من حيث خطورتها على مستقبل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، أقرّ الكنيست الإسرائيلي اليوم الثلاثاء 23 تموز / يوليو 2025، مشروع قرار يدعو إلى " تطبيق السيادة الإسرائيلية " على الضفة الغربية والأغوار بأغلبية 71صوتاً مقابل 13 صوتاً، صحيح أن القرار في مضمونه الحالي ليس قانوناً أساسياً، لكنه يُشكّل مقدمة خطيرة تمهّد لتحويل الإحتلال الإسرائيلي إلى ضم فعلي، يقوض أي إمكانية لحل الدولتين، ويضع المنطقة كاملة أمام سيناريوهات كارثية على المستويات السياسية والقانونية والعسكرية والأمنية.
أولاً : الأبعاد القانونية للقرار :
1 : إنتهاك صارخ للقانون الدولي :
قرار الكنيست الصادر اليوم يُعتبر أنتهاكاً واضحاً وصريحاً للمعايير القانونية الدولية، إذ يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة الذي يحظر ضم الأراضي بالقوة. واتفاقيات جنيف الرابعة لاسيما المادة (49) ألتى تحظر نقل السكان المدنيين من الدولة المحتلة إلى الأراضي ألتى تحتلها.
فالرأي الأستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر بشهر (يوليو 2024) الذي أكد عدم شرعية الإحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية، وأوصى بوقف كل إجراءات الضم والأستيطان فوراً.
2. مشروع القانون بفرض السيادة على الضفة الغربية والأغوار تمهيد لتشريعات ضم فعلية رغم الطابع " غير الملزم " للقرار الحالي، إلا أنه يشكل أرضية لسن قوانين لاحقة، قد تأخذ شكل قانون أساس على غرار قانون " القدس الموحدة " لعام 1980 و" قانون القومية " لعام 2018، ما سيجعل التراجع عنه شبه مستحيل إلا بقرار من 80 نائباً من أعضاء الكنيست أو أستفتاء شعبي.
ثانياً : الأبعاد السياسية والإستراتيجية :
تصفية حل الدولتين وهو الأخطر : ضم الضفة الغربية، خاصة الأغوار، سيؤدي عملياً إلى القضاء على إمكانية إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة.
مخاطر أمنية متزايدة : سيحوّل الضفة الغربية إلى بؤر مقاومة واحتجاجات واسعة، مع إنهيار أي تنسيق أمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.
أنعكاسات إقليمية : الأردن الذي يرتبط باتفاقية سلام مع إسرائيل، إتفاقية وادي عربة سيكون في قلب التهديدات الجيوسياسية إذا ما تم ضم منطقة الأغوار ألتى تشكل العمق الإستراتيجي للأردن غرب النهر.
ثالثاً : خطة المواجهة القانونية والسياسية :
اولاً : على الصعيد القانوني :
1- التوجه الفوري إلى محكمة العدل الدولية ( ICJ ) بطلب تدابير تحفظية عاجلة لوقف أي إجراءات إسرائيلية تؤسس للضم.
2 - تفعيل الملفات المفتوحة أمام المحكمة الجنائية الدولية (ICC) ضد مسؤولي الإحتلال بتهم جرائم الحرب والإبادة الجماعية والفصل العنصري.
3 - تحريك آلية الإتحاد من أجل السلام في الأمم المتحدة لأنتزاع قرار دولي يرفض الضم ويطالب بفرض عقوبات على إسرائيل.
ثانياً : على الصعيد السياسي والدبلوماسي :
1- توحيد الجبهة الفلسطينية الداخلية وتشكيل قيادة سياسية موحدة لإدارة الأزمة.
2- الضغط عبر جامعة الدول العربية لعقد قمة طارئة وعاجلة تتبنى خطة ضغط سياسي وأقتصادي على إسرائيل.
3- إنشاء تحالف دولي يضم دولاً أوروبية وأفريقية وأمريكية لاتينية للتصدي الدبلوماسي لمشروع الضم.
ثالثاً : على الصعيد الشعبي والإعلامي :
1- إطلاق حملة دولية بعنوان " الضم جريمة " لتعبئة الرأي العام العالمي ضد المشروع الإسرائيلي.
2- تنظيم مظاهرات للجاليات الفلسطينية والعربية في العواصم الغربية للضغط على حكوماتها.
وعليه ووفق كل ذلك لا مجال للتهاون، قرار الكنيست اليوم ليس مجرد خطوة رمزية، بل إعلان نوايا سياسية وقانونية لشرعنة الأبرتهايد وتحويل الضفة الغربية إلى كانتونات معزولة ضمن إطار سيادة إسرائيلية زائفة، على الفلسطينيين والعرب والمجتمع الدولي التحرك العاجل والفوري لإفشال هذا المخطط قبل أن يتحول إلى واقع لا يمكن تغييره مستقبلاً.
إن المواجهة الفاعلة لمشروع الضم تستلزم إستراتيجية متكاملة قانونية وسياسية، تستثمر أدوات القانون الدولي، وتحشد الدعم الدبلوماسي والشعبي، وصولاً إلى عزل إسرائيل سياسياً واقتصادياً إن لزم الأمر.