هنا رجالٌ حملوا على أكتافهم رايةَ المجد، وأقسموا أن لا تُكسَر إرادةٌ مادام في الصدر نفسٌ وفي السلاح بارود. هنا الجيش العربي، يحرس حدود الكرامة، ويمدُّ جسور النخوة حين تُغلَق المعابر ويُضيَّق الحصار.
في الساعات التي يعبر فيها الليلُ على أهل غزةَ مكبَّلاً بقيودِ العتمة والجوع، يمتدُّ ذراعُ الجيش الأردني، بأمرٍ من سيّد البلاد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، حفظه الله وسدّد خُطاه، ليكسر صمتَ الحصار ويرسم على أبواب البيوت شارةَ الأمل.
هنا الجيش... لا يسأل عن هويةِ الوجع ولا عن جنسية الدمع. قوافله تخترق صمتَ البحر والبرّ، تحمل الدواء والرغيف والغطاء، وتوزّع على وجوه الأطفال وعدًا بأن العروبة لا تُباع ولا تُشترى.
هي ليست مساعداتٍ عابرةً تُلتقط لها الصور وتمضي؛ بل رسالةٌ مكتوبةٌ بمدادِ الشرف، مفادُها أن الأردن حين يَعِدُ يَصدُق، وحين يتحرّك جيشه تتحرّك معه ضمائر الأحرار. من ميادين التدريب إلى خطوط النار، من الثغور المحروسة إلى غزة المحاصَرة، يبقى الجندي الأردني عنوانًا للمروءة وسندًا للأشقاء.
هنا الجيش... يسند خطاه إلى توجيهات القائد الأعلى، جلالة الملك، الذي يرى في الجندي أمينَ عهدٍ، وفي الشعب أمانةً، وفي فلسطين عهدًا لا يسقط بالتقادم. وحين يشتدّ الحصار، يكون الأردن أول من يكسره بصدورٍ مفتوحة وقوافلَ لا تعود فارغةً إلا لتعود ممتلئةً من جديد.
هنا الجيش... يمضي بلا منّةٍ ولا رياء، يحشد خلفه دولةً بكاملها، شعبًا يوقن أن الكرامةَ لا تتجزأ، وأن الأخوّةَ عقيدةٌ قبل أن تكون شعارًا. يوزّع القمحَ على من حاصَرَهم الجوع، ويزرع فيهم إيمانًا بأن ما تحمله القوافل ليس زادًا فقط، بل رسالة وفاء لا تنقطع
في غزة، حيث تتكئ البيوت على صبرٍ طويلٍ، وتختزن الأزقةُ قصصَ الصمود، يكتب الجيش الأردني فصلًا جديدًا من سِفر البطولة العربية. هنا الجيش... حيث الكلمةُ وعد، والرايةُ لا تُنكس، والحدودُ لا تُغلقُ أمام الواجب.