تحويل المستحيل إلى ممكن: غرفة وسائل تعليمية جديدة تنبض بالحياة في مدرسة يبلا
الأساسية للبنات بفضل مبادرة "سُنبلة"
نيروز – محمد محسن عبيدات
في خطوة نوعية تجسد روح العطاء والتنمية المستدامة في القطاع التعليمي، شهدت
مدرسة يبلا الأساسية للبنات التابعة لمديرية التربية والتعليم للواء بني كنانة تحولاً
استثنائياً تمثل في إعادة تأهيل زاوية مهملة وتحويلها إلى غرفة وسائل تعليمية نموذجية،
وذلك ضمن مسابقة "سُنبلة"، المبادرة الريادية التي أطلقت شرارة التغيير في
العديد من مدارس المملكة.
كانت الغرفة، حتى وقت قريب، أشبه بمستودع قديم، تكدست فيه بقايا أثاث مدرسي
متهالك، ومواد غير صالحة للاستخدام، في مشهد يعكس واقعاً مؤلماً لمعاناة بعض المؤسسات
التعليمية من نقص في البنية التحتية والمساحات الصالحة للتدريس. لكن الحاجة الملحة
لصفوف إضافية داخل المدرسة، وخاصة مع تزايد أعداد الطالبات، دفعت الكادر الإداري والتدريسي
إلى البحث عن حل بديل. وهنا برزت "سُنبلة" كمبادرة وطنية ملهمة أتاحت الفرصة
لترجمة الحلم إلى واقع.
بفضل الدعم الذي وفرته المدرسة بالتعاون مع المجتمع المحلي، تحولت الغرفة إلى
مساحة تعليمية نابضة بالحياة، بعد أن خضعت لعملية صيانة شاملة شملت ترميم الجدران وتلوينها
بألوان محفزة للخيال والإبداع، وتركيب أسقف جديدة تضيف لمسة من الجمال والراحة البصرية.
كما تم تأثيث الغرفة بطريقة مدروسة وتزويدها برفوف عملية. ولم تتوقف الجهود عند هذا
الحد، بل تم تزويد الغرفة بوسائل تعليمية حديثة ومجسمات تربوية مبتكرة، لتصبح بيئة
تفاعلية داعمة لمختلف المواد الدراسية، تعزز من مشاركة الطلبة وتفتح أمامهم آفاق التعلم
النشط.
وقد أُطلق على هذه الغرفة اسم "غرفة هِمم"، في تسمية تنبض بالأمل
وتعكس روح الإصرار والعزيمة التي كانت وراء هذا الإنجاز. فاسم "هِمم" لم
يكن مجرد اختيار عابر، بل جاء ليجسد تطلعات الطلبة وسعيهم الدؤوب نحو التميز، وليكون
عنوانًا يلهم كل من يدخلها ليحلم، ويبدع، ويحقق النجاح.
اليوم، أصبحت الغرفة بيئة تعليمية حيوية تُستخدم لعرض الوسائل التعليمية بشكل
إبداعي، وتُسهم في تنشيط العملية التعليمية وتحفيز الطالبات على التعلم والمشاركة.
كما أضافت لمسة جمالية واضحة على مرافق المدرسة، وتحولت إلى مساحة تجمع بين التعلم
والإبداع.
لم تكن مبادرة "سُنبلة" مجرد مسابقة تقليدية، بل مثلت منصة حقيقية
لدعم الإبداع التربوي والمبادرات المدرسية الخلاقة، وأثبتت أن التغيير لا يحتاج إلى
موارد ضخمة بقدر ما يحتاج إلى رؤية واهتمام. وقد عبرت مديرة المدرسة وعدد من المعلمات
والطالبات عن امتنانهن الكبير لهذه المبادرة، مشيدين بأثرها الإيجابي على البيئة التعليمية
بشكل عام، وعلى الطالبات بشكل خاص.
مديرة المدرسة سميرة الطويل قالت: "ما قدمته 'سُنبلة' يتجاوز الترميم والبناء، لقد منحتنا أملاً جديداً وفتحت
أبواباً للإبداع والتميز. هذه الغرفة باتت رمزاً للإرادة والتغيير الإيجابي."
وأضافت الطويل: "إن التحول الذي شهدته الغرفة لم يكن مادياً فحسب، بل لمس الجوانب
النفسية والسلوكية أيضاً؛ إذ انعكس إيجاباً على معنويات الطالبات، ورفع من دافعيتهن
نحو التعلم، وزاد من تفاعلهن داخل الحصة الصفية. كما ساعد المعلمات على تقديم المادة
الدراسية بطريقة أكثر متعة وفاعلية، باستخدام الوسائل التعليمية المعروضة داخل الغرفة."
وقد كان لفريق العمل المبدع دور محوري في إنجاح هذه المبادرة، حيث قاد الفريق
المعلمة ديالا عبيدات، وضم في عضويته كل من المعلمات: آمنة الفارس، شيرين الرفاعي،
إسراء البنيان، ديما العقلات، وليالي الزعبي. وقدمت مديرة المدرسة شكراً خاصاً لفريق
العمل على تفانيهن وجهودهن التي أثمرت هذا الإنجاز المميز، كما وجهت الشكر أيضاً للمجتمع
المحلي الذي قدم دعماً كبيراً وساهم في تحقيق هذا الحلم.
هذا وتُعد تجربة مدرسة يبلا الأساسية للبنات نموذجاً حياً لما يمكن أن تصنعه
المبادرات الوطنية الواعية مثل "سُنبلة"، التي تزرع الأمل في مدارسنا، وتحصد
الإنجاز في عيون طلابنا ومعلمينا. وهكذا، من بين أكوام الأثاث المتهالك، ووسط غرفة
نسيها الجميع، ولدت غرفة وسائل تعليمية نابضة بالحياة... لأن هناك من آمن بأن التغيير
ممكن، وأن المستقبل يُصنع من أبسط الفرص، إذا ما تم استثمارها بالشكل الصحيح.