هو ليس مجرد ضابط، بل ذاكرة وطن تمشي على الأرض.. من بين غبار الميدان وصيحات التدريب العسكري، ومن قلب ثكنات العزة، خرج الباشا جلال غنيمات، رجلًا لم يكتفِ بأن يكون مقاتلًا، بل صار مدرسة في الانتماء والانضباط والتضحية.
التحق بالقوات المسلحة الأردنية عام 1969، ضمن دورة العشرة، حاملاً على كتفيه رتبة ملازم، وفي قلبه إيمان بأن خدمة الوطن شرف لا يُضاهى. وفي 1971، بدأ الباشا مسيرته الطويلة، التي لم تكن فقط مليئة بالرتب، بل بالمسؤوليات الجليلة التي صاغت شخصيته القيادية الصلبة والإنسانية العميقة.
تدرّج في المواقع، فكان:
قائد فصيل وسرية، فبدأ أولى خطوات القيادة على أرض الواقع.
مدربًا في الكلية العسكرية الملكية، ثم في كلية زايد بن سلطان في أبو ظبي، ليكون سفيرًا للنهج الأردني في الانضباط العسكري عربياً.
قائد كتيبة الحرس الملكي الآلية الرابعة، وكان آنذاك يعمل معه أحد أبرز القادة الذين صاروا لاحقًا رؤساء أركان الجيش العربي: معالي الفريق اول الركن مشعل الزبن والفريق الركن محمود فريحات .
وفي مجال التوجيه والإدارة:
رئيس شعبة الميدان في التوجيه المعنوي.
رئيس شعبة الوثائق في مديرية شؤون الأفراد.
مدير شؤون الأفراد بالإنابة.
عام 1995، رُفّع إلى رتبة عميد ركن، ثم أكمل مسيرته الأكاديمية في كلية الحرب عام 1996، ليصبح من النخبة القليلة التي جمعت بين السيف والفكر.
ثم تسلّم مهامًا بارزة:
مساعد مدرسة الملك طلال.
قائد لواء الأمير زيد بن الحسين لمدة عامين.
قائد المنطقة العسكرية الجنوبية، مسؤولًا عن حماية بوابة الوطن الجنوبية، متحملًا أمانة الأرض والإنسان.
حاز على عشر أوسمة عسكرية، وكل وسام منها كان شاهداً على إنجاز وطني أو تضحية صامتة.
وبعد تقاعده، لم يتقاعد عن الوطن. عام 2023، انتُخب رئيسًا لنادي ضباط المتقاعدين في محافظة البلقاء بالتزكية، عن ثقة ومحبة من 385 ضابطًا متقاعدًا، من داخل وخارج السلط، بينهم:
14 لواء
48 عميدًا
52 عقيدًا
والبقية من رتب أقل، جميعهم رأوا فيه القائد الذي لم تغادره المبادئ.
الباشا جلال غنيمات، لا يتحدث كثيرًا عن نفسه، لكنه يترك للأجيال سيرة رجل صنع في كل ميدان قصة، وفي كل رتبة شرف، وفي كل مهمة واجبًا، ظل يؤديه حتى بعد أن طوى السيف في غمده، ليواصل الكتابة في صفحات المجتمع.
هو ببساطة، صوت الضمير العسكري الأردني، ورمز الوفاء لكل من حمل السلاح من أجل الراية.