من بيوت (صبيان الصباح ) خرج فارس جعل للفخر جناحين، فالتفّت به العزّة حتى عبرت الغد البعيد.
إنه موسى الحامد العجارمة، الفارس الذي لبس التكميل العسكري وحمل البندقية، وخاض معارك لا تعرف الرحمة ضد الصهاينة، فأذاقهم من الإذلال ما تعجز عنه الكتب والسطور..
واخرها كان في معركة قباطيا سنة 1967، كان هو المتقدّم الوحيد عن زملاءه الاشاوس ، يقاتل كالأسد حتى تساءل العدو بذهول وخوف شديد ؛؛؛
"من هذا الملازم الذي يقاتل كأنه جيش بأكمله؟"
من غيره ذاك الفارس الذي يتلقى الرصاص في جسده ويظل واقفًا يقاتل؟
من غيره ذاك الذي بُترت رجله، فلم يزداد إلا إصرارًا حتى نفذت ذخيرته؟
وحين اشتد النزف، استلقى موسى على ظهره، وعيونه تخاطب العدو بكبرياء ويردد بصوته الجهم .. ""
"إن متُّ فأنا شهيد، وإن قتلتك فأنت فطيس."
وقع أسيرًا بيدهم، لكن هيبته لم تُسقط، وبسالته جعلتهم يغتاظون. كان أسرهم ضباط اكبر غنيمة، أما موسى ضابط و شوكة في حلوقهم ..
وبينما كانوا يعالجونه، أشرف عليه طبيب اسمه مينا، وكان موسى يناديه: "خواجا مينا"..
أُعجب الطبيب بشجاعته وقال له بدهشة:
"يا موسى.. بترت رجلك وما زلت بهذا العنفوان!"
فأجابه موسى بشعرٍ يعجز عنه المصاب، وبقوةٍ لا يملكها إلا الأبطال..
يا خواجا مينا ما اهتم لو بتروا الساق
الروح تبقى شامخة ما تنكسر ابد حيلي
إن راح طرف من جسدي يبقى لي عشاق
والموت عندي شرف ما هو بذنبي جِيلي
هكذا كان موسى العجارمة.. مدرسة في التضحية، كتابًا في الكبرياء، ومثالًا للعروبة في البسالة والشجاعة.
لله درك يا موسى.. لقد خلّدت اسمك في سجل الفروسية، ونقشت حكايتك على صخور الكرامة والعزة ..
رحم الله البطل المغوار موسى الحامد العجارمة وادخله فسيح جناته..