في سهول البادية الأردنية، حيث تنبت القيم كما تنبت السنابل، وُلدت أميمة الجبور، ابنة قبيلة حمر النواظر من بني صخر، حاملةً في ملامحها بساطة الأرض وشموخ التاريخ، وفي روحها ما يختصر معنى الانتماء.
منذ نعومة أظافرها، نشأت أميمة في بيت تحفّه القيم ويضجّ بالمبادئ، فارتوت من تراث الصحراء وتشرّبت روح الكرامة والوفاء. تعلّمت مبكرًا أن الولاء ليس شعارًا يُرفع، بل أسلوب حياة يُمارس بكل صدق. كانت الكتابة شغفها الأول، وكأن الحرف قد وجد سبيله إليها منذ الطفولة، فتملأ دفاترها بكلمات تنبض بالحياة، وتكتب كما لو أنها تنسج ملامح وطنٍ بكامله.
اختارت دراسة الإعلام، لا طمعًا ببريق الشهرة، بل رغبةً في أن تكون صوتًا حقيقيًا للبسطاء، وصدىً لأوجاع الجنوب والبادية. نالت درجة الماجستير، وكانت دائمًا تسعى إلى أن تُنير الزوايا المعتمة، وتقدّم صورة صادقة عن مجتمعٍ يستحق أن يُروى بقلمه.
كتبت عن معركة الكرامة بروح من تربّت على صوت البطولة، ودوّنت عن الشهداء كأنهم إخوتها، وعن الأرض كأنها أمّها. وعندما كتبت عن الحزن، كما في مقالها "الفقد الذي يؤلم لا تمحيه أهدابكم"، عبّرت بصدق لامس القلوب، لأنها تعرف وجع الفقد كما تعرف تضاريس وطنها.
حضرت بقوة في المناسبات الوطنية، لا بعدسات المصورين، بل بنبض كلماتها. شاركت في المبادرات المجتمعية، وكانت في طليعة من يخدمون وطنهم عبر الكلمة الصادقة. وكرّمت بجائزة أفضل مسؤول إعلامي على مستوى المملكة، نظير دورها في إنجاح برنامج علاجي وطني، لمست آثاره حياة كثيرين.
أميمة الجبور ليست إعلامية فحسب، بل حالة وطنية متكاملة، اختارت أن تكون للكلمة سيفًا، وللحقيقة صوتًا، وللبادية وجهًا ناطقًا بالحكمة والجمال. ما زالت قصتها تُكتب، وما زال قلمها يواصل حمل الرسالة، لأن الأصوات الصادقة لا يسكتها الزمن.