في قرية المشيرفة شرقي عمّان، وُلد محمد خلف الرقاد عام 1953، وفي قلبه نبض الوطن، وفي عينيه حلم لا يعرف التراجع.
سنوات قليلة حتى التحق بالقوات المسلحة الأردنية الجيش العربي، رافعًا شعار الجندية والعلم معًا، ليصير لاحقًا أحد رموز المؤسسة العسكرية والثقافية في آنٍ واحد.
منذ أن تخرج ملازمًا جامعيًا بتفوق في دورة الضباط الجامعيين الثانية عام 1977، كان واضحًا أن الرقاد لا ينتمي إلى النمط التقليدي للضباط؛ فقد كان الميدان بالنسبة له مدرسة، كما كانت الكتب والجامعات سلاحًا لا يقل أهمية عن البندقية.
فارتقى في المناصب حتى وصل مديرًا للتوجيه المعنوي ومديرًا للتربية والتعليم والثقافة العسكرية، واضعًا بصمته على وعي الجنود وصورة الجيش في أعين الأردنيين.
لكن طموحه لم يتوقف عند التقاعد في 2011، بل انتقل إلى ميدان الفكر، حيث أسس مركزًا للدراسات، واعتلى منصات الجامعات الأردنية محاضرًا وكاتبًا، ليواصل رسالته الوطنية، ولكن هذه المرة عبر الكلمة الحرة والبحث العلمي.
ألّف ثمانية كتب، أبرزها عن النخبة السياسية والإعلام العسكري والتاريخ الوطني، مؤمنًا بأن بناء الجيوش يبدأ من بناء العقول.
لم تكن مساهماته تقتصر على الكتب، بل كان قلم الرقاد حاضرًا في الصحافة، كاتبًا مقالات تعالج القضايا الوطنية بجرأة الضابط وعمق الأكاديمي، مشاركًا في الندوات التي تعيد قراءة تاريخ الأردن وتستشرف مستقبله.
اليوم، وبعد عقود من العطاء، لا يزال الباشا الدكتور محمد خلف الرقاد نموذجًا لجيل نادر، جمع بين صرامة العسكرية ورحابة الفكر، راسمًا طريقًا يُلهم الأجيال الجديدة أن الوطنية ليست موقعًا ولا رتبة، بل التزام مستمر نحو الوطن، سواء في الخندق أو في الجامعة أو في صفحات الكتب...