في ملامحه الصلبة تقرأ صلابة الصحراء، وفي صوته الجهوري تسمع صدى القبائل، أما في قلبه، فتسكن محبة الأردن التي لم يبدلها الزمن. إنه روحي الصفدي، ابن عمّان الذي صار أيقونة الدراما البدوية، وفارس الشاشة الذي علم أجيالًا معنى الكرامة والشهامة.
وُلد الصفدي عام 1951 في حارات عمان القديمة، وهناك تعلم أولى دروس الحياة من البسطاء والفقراء، قبل أن يقف يومًا أمام الكاميرا ليجسد شخصية بدوي شريف، لا يرضى بالظلم ولا يقبل المهانة. ومنذ ذلك الحين، صار الصفدي لا يمثل فقط، بل ينطق بلسان البادية ويعيد الاعتبار لتراث الأجداد على الشاشة العربية.
من رأس غليص إلى نمر بن عدوان، ومن الطواحين إلى عيون عليا، كان الصفدي هو الوجه الحاضر في كل بيت عربي يعشق الأصالة. جسّد أدوار الفارس والعاشق والشيخ، لكنه كان دومًا يحمل في داخله الطفل العماني البسيط، الذي لم ينس جذوره يومًا.
لكن خلف الكواليس، خاض الصفدي معارك أخرى، أخطرها مع المرض. ففي السنوات الأخيرة، تعرض لأزمات قلبية متكررة، أُدخل على إثرها للمستشفى، ليعيش صراعًا صامتًا بين حياة الشاشة وأوجاع الجسد. ومع ذلك، لم يتخلَ عن ابتسامته، ولا عن رسالته الفنية التي يراها جزءًا من خدمة وطنه.
اليوم، وبينما تتراجع الدراما الأردنية عن ألقها القديم، يقف روحي الصفدي شاهداً حيًا على زمن كان فيه الفنان مرآة للناس وصوتًا للتراب. لا يزال يطالب بإحياء الدراما البدوية، ويؤمن أن "الأردن كنز من الحكايات التي تستحق أن تُروى"، كما قال في أحد لقاءاته.
روحي الصفدي ليس مجرد ممثل. هو قصة رجل حمل هموم شعبه، عشق تراثه، ودفع من صحته ثمنًا لبقاء هذا التراث حيًا في وجدان الأجيال. وبين الشاشة وأسرّة المستشفيات، ظل صوته يردد: "أنا ابن هذا الوطن.. ومنه بدأت، وإليه أعود".