من بين سفوح بلدة ملكا الواقعة شمال الأردن، خرج الفتى محمد يوسف الملكاوي حالمًا بخدمة وطنه، ليشق طريقه بصبر وعزم حتى بلغ قمة القيادة العسكرية في القوات المسلحة الأردنية، كواحد من أبرز القادة الذين حملوا شرف الدفاع عن الأرض والكرامة.
في معسكرات الجيش، عرف الملكاوي الانضباط طريقًا، والتطوير هدفًا، فانتقل من رتبة إلى أخرى، حتى تسلّم أرفع منصب عسكري، رئيس هيئة الأركان المشتركة، في زمن كانت فيه المنطقة تعج بالتحديات والاضطرابات.
لم يكن المنصب بالنسبة له مجرد لقب، بل مسؤولية جسيمة تطلبت منه أن يُعيد بناء منظومة الردع الوطني، ويُطور أسلحة الجيش، ويُحسن من كفاءة الجندي الأردني الذي طالما وصفه الملكاوي بأنه "الدرع الصامد في وجه الرياح العاتية".
ظل الملكاوي يرى في الجندية مدرسة للوطنية، فحرص على أن تبقى القوات المسلحة الأردنية عنوانًا للتوازن والقوة والانضباط.
ورغم سنواته الطويلة في المعسكرات والثكنات، لم ينسَ الملكاوي جذوره في الشمال؛ فكان يعود إلى بلدته ملكا، بين الحين والآخر، يستمد من ترابها الطيب قوة الاستمرار. وبعد تقاعده، لم يركن إلى الظل، بل بقي صوته حاضرًا في القضايا الوطنية، مشاركًا في اللجان العليا، ناصحًا ومحللًا، حريصًا على أمن الأردن واستقراره.
اليوم، حين يُذكر اسم محمد يوسف الملكاوي، يُستحضر رجلٌ صنع من مسيرته درسًا في الصعود من قلب القرى الأردنية إلى صدارة المشهد العسكري العربي، رجلٌ ظل وفيًا للبندقية وللوطن، حتى بعد أن ترجل عن منصبه.
في ذاكرة الأردنيين، سيبقى الفريق أول الركن الملكاوي مثالًا للقائد الصلب، الذي جمع بين صرامة الميدان ورقة الانتماء، وبين شرف العسكرية وحب الأرض التي أنجبته.