في قرية صغيرة تُدعى "اللبن"، الواقعة على أطراف البادية الأردنية، وُلد عام 1947 طفل نحيل يُدعى نايف هايل فالح أبو جنيب الفايز، لم يكن أحد يتوقع أن يصبح هذا الطفل يوماً أحد أعمدة الطب في الوطن العربي، وأن يكتب اسمه في سجلات الإنجاز الإنساني والعلمي بمداد من ذهب.
البداية من الألم… نحو الشفاء
في سن مبكرة، اختبر الدكتور نايف ألم الفقد، والمرض، وظروف الحياة الصعبة. لكنه لم يستسلم. كان يحدّق في السماء ويحدث نفسه: "سأصبح طبيباً… لا ليكسب اسمي المجد، بل لأخفف وجع الناس". وهكذا، بدأ رحلته التعليمية بكل شغف، وواصل دراسته حتى وصل إلى أوروبا، وتحديداً ألمانيا الغربية، حيث حصل على الدكتوراه في جراحة الأعصاب والعمود الفقري.
جراحة الأعصاب… بين الخطر والأمل
لم تكن الجراحة مجرد وظيفة بالنسبة له، بل كانت رسالة مقدسة. في غرف العمليات، كان يخوض معارك شرسة ضد الموت، مسلحاً بعلم دقيق، ويد ثابتة، وقلب لا يعرف التردد. أنقذ آلاف الأرواح، وعاد بالبسمة إلى وجوه فقدت الأمل.
أردني حتى النخاع
رغم العروض المغرية للبقاء في ألمانيا، عاد الدكتور نايف إلى الأردن، حاملاً علمه وخبرته وشغفه بوطنه. أسس وأشرف على العديد من الوحدات الطبية المتقدمة، وشارك في تدريب أجيال من الأطباء، وارتقى في المناصب حتى حاز لقب "معالي الدكتور لانه استلم وزير صحة سابق ايضا" .
الإنسان قبل الطبيب
ما يميّز الدكتور نايف لم يكن فقط علمه، بل إنسانيته. كان يدخل على المرضى بابتسامة مطمئنة، ويعامل الفقير والغني بالعدل نفسه، وكان يزور مرضاه بعد العمليات بنفسه، ويُعرف عنه أنه أجرى عمليات مجانية كثيرة لمن لا يملكون ثمن العلاج.
إرث لا يُنسى
اليوم، معالي الدكتور نايف هايل فالح الفايز، هو أكثر من طبيب. إنه قصة وطن، ورمز للإصرار، وتجسيد حيّ لعبارة "العلم في خدمة الإنسان". من اللبن إلى أروقة الطب العالمية، ترك أثراً لا يُمحى، وقلوباً لا تنساه...