في أحد أحياء الأردن الطيبة، عاش رجلٌ لم يكن عابرًا في حياة من عرفوه، بل كان حضورًا دائمًا حتى بعد رحيله. هو الشيخ جادالله أبو جبلة، الذي ترك الدنيا في هدوء، كما عاشها، يومًا بعد يوم، حاملًا قلبًا نابضًا بالإيمان، ولسانًا لا ينطق إلا خيرًا.
ولد الشيخ جادالله في زمن كانت القيم فيه أثمن من الذهب، فشبّ على البساطة، وارتقى بالحكمة، وكان مثالًا في الصبر والتقوى. عاش للناس، وبين الناس، متواضعًا، عطوفًا، حاضرًا في كل مواقف الخير. لم يطلب يومًا شهرة، لكنها جاءت إليه على ألسنة من عرفوه، حين صار اسمه مرادفًا للأمانة والوقار.
لم يكن الشيخ جادالله فقط شيخًا في عمره، بل في خلقه، في طريقة حديثه، في احتوائه لكل من حوله. كان بيته مأوى لكل من ضاقت به الدنيا، وحضنه لا يعرف التمييز بين قريب وغريب. كانت سيرته تُروى دون أن يسعى إليها، لأن الرجال الحقّ لا يصنعون سيرهم، بل تكتبها الحياة عنهم.
وورث عنه ابنه، الأستاذ الدكتور عامر ، هذه الأخلاق وتلك الروح السامية. حملت اسمه معه أينما حلّت، لا على بطاقة الهوية فقط، بل في مواقفه، في علمه، وفي عطائه. كان مثال الابن البار، والعالِم التي أكمل مشوار والده، ولكن بطريقته: بالعِلم، بالكلمة، وبالقدوة.
في يوم 18 آب/أغسطس 2006، توقفت أنفاس الشيخ الطيب، لكنه لم يغب. بقي حاضرًا في دعاء كل من عرفه، في الحكايات التي يتناقلها الجيران، وفي قلب ابنه الذي يحمل اسمه كرسالة قبل أن يكون نسبًا.
رحمك الله، يا شيخ جادالله، وأسكنك فسيح جناته. وجعل ذريتك امتدادًا لنورك، وجعل لك من كل دعاء نصيب. اللهم آمين.