يُطلُّ جبل أُحُد على المدينة المنورة من الجهة الشمالية، ويعدّ أحد أبرز المعالم الطبيعية والتاريخية في الجزيرة العربية. يمتد كسلسلة جبلية من الشرق إلى الغرب مع ميلٍ طفيف نحو الشمال، وكان يبعد عن المدينة المنورة ثلاثة أميال ونصف قبل أن يحيط به العمران، وهو يقع على بعد نحو 4 كيلومترات من المسجد النبوي الشريف.
سبب التسمية
تعددت الآراء حول سبب تسمية الجبل بـ"أُحُد"، ومنها:
1. أنه متوحد عن بقية الجبال، إذ تحيط به الأودية والسهول، مما جعله مميزًا عن غيره.
2. أن التسمية تعود إلى رجل يدعى "أُحُد" من العماليق، حيث يُقال إنه انتقل إلى الجبل وسكنه، فحمل اسمه.
3. أن الجبل يرمز إلى وحدانية الله، وهو رأي يتماشى مع رمزية الجبل الدينية.
التكوين الجيولوجي والطبيعة
تتكون صخور جبل أُحُد بشكل رئيسي من الجرانيت الأحمر، مع وجود صخور ذات ألوان مائلة إلى الأخضر الداكن والأسود. يتميز الجبل بوجود تجاويف طبيعية تُعرف بـ"المهاريس"، حيث تحتجز مياه الأمطار، إلى جانب العديد من الكهوف والشقوق التي يتجاوز ارتفاع بعضها متراً ونصف وعمقها عشرة أمتار.
كما يضم الجبل معادن متعددة، منها الحديد الذي يظهر في صخوره الخارجية، والنحاس الذي يوجد في طبقاته الداخلية. ويصل ارتفاع الجبل إلى حوالي 1077 متراً، بينما يمتد طوله إلى 7 كيلومترات، وعرضه يتراوح بين 2 و3 كيلومترات.
الموقع والحدود
يحد الجبل من الشمال طريق الجامعات (المعروف باسم طريق غير المسلمين)، ومن الجنوب الطريق الدائري الجنوبي، بينما يقع طريق المطار إلى الشرق منه، وجبل تيأب وجبل ثور إلى الشمال الغربي. أما من الجهة الجنوبية الغربية، فيقع جبل عينين، الذي يعرف تاريخيًا بجبل الرماة، وهو من أبرز المواقع التي شهدت أحداثًا بارزة في التاريخ الإسلامي. كما يمر وادي قناة عند قاعدة الجبل من الغرب، مضفيًا مزيدًا من التنوع الجغرافي على المنطقة.
الغطاء النباتي
يحتضن جبل أُحُد مجموعة متنوعة من النباتات، من بينها "لوز النبي" الذي ينتمي إلى الفصيلة الصقلابية، ونبات "الحميض" من الفصيلة البطباطية، إضافة إلى العوسج، السمر، السلم، السدر، المسيكة (شجرة الريح)، الشكيرة (الشكربل أو الربلة)، وشجرة "أبو حاد" (طرطر). كما ينمو فيه نبات شوكة العنب (المعروف بشوكة الإبل) والحنظل. وتضم المنطقة أيضًا نباتات مصنفة ضمن الفصيلة النجيلية، إلا أن بعضها مهدد بالانقراض بسبب قلة الأمطار.
مكانة دينية وتاريخية
يحمل جبل أحد مكانة خاصة في قلوب المسلمين، فقد شهد أحداثًا تاريخية كبرى، أبرزها معركة أُحُد في السنة الثالثة للهجرة، حيث دارت المواجهة بين المسلمين وقريش. كما يُروى أن النبي محمد ﷺ قال عن الجبل: "أحد جبل يحبنا ونحبه"، مما يعزز رمزيته في الذاكرة الإسلامية.
لا يقتصر تميز جبل أُحُد على كونه مَعْلمًا جغرافيًا فريدًا، بل إنه يحمل قيمة دينية وتاريخية تجعله وجهةً بارزةً للزائرين والحجاج. ومن خلال تضاريسه الفريدة وغناه بالنباتات والمعادن، يظلّ الجبل شاهدًا على حقبة زمنية حافلة بالأحداث، محتفظًا بمكانته في التاريخ الإسلامي والوجدان الإنساني.