لم أكن أدري ماذا حدث ، خرجَ الجميعُ فجأة دون سابقِ إنذار، أيقظتنا أمي مذعورةً و خرجنا مسرعين باحثينَ عن شيءٍ لا أعلمه ، كانت السماءُ مليئةً بالمفرقعات لكن لم تكن جميلة حينها ؛فقد سقطت إحداها على منزلنا فأحرقته ، ضبابٌ ذا رائحةٍ شبيهةٍ بالدخان ملئ المكان بالكاد كنا نرى الناس حولنا ،لكننا سمعنا نواحهم و بكائهم ، رأينا الأشجارَ خاليةَ الأوراقِ قالت أمي إنهُ قد حل الخريفُ مبكرًا لكن حينها كان الربيع - ربما قصدت خريف العمر- .
بدأت الشمس بالشروق هدأ الضجيج ، عادت السماء زرقاء لكن في مكان غريب بعيد عن بيتنا ربما غربًا او شرقًا لا أدري اي إتجاه سلكنا . شعرت برغبة عارمة بالبكاء لكني لم اذرف دمعةً واحدة حتى ، جلست اتأمل الجميع وهم يبكون . سرقني النوم فجأة و عندما استيقظت كنا في مركبة كبيرة مع الكثير من الناس ،قالت امي اننا سنذهب إلى بيت جديد ، أعجبني ذلك ،لطالما حلمت ببيت جديد وكبير ألعب به مع إخوتي و أنام في غرفتي الخاصة ذات اللون الزهري الجميل ،لكن صدمني الواقع ،لم يكن هناك بيتٌ حتى، كانت خيمةً صغيرةً في وسط الصحراء محاطةٍ بسياجٍ طويل يحرسه جنود مخيفين . قالت امي أن البيت بعيد و سنمكث هنا بعض الليالي. مرت الليالي و مرت السنوات و عرفت ان هذه الخيمة الصغيرة البالية هي بيتنا ، و أن كل ما رأيناه تلك الليلة و الذي لا زال يتكرر الى الان هو حرب استولى على وطني فأحرقه و شردنا .