فى اغلب الاحيان ينصح صندوق النقد الدولى الحكومات بتخفيض النفقات وزيادة الواردات، فتقوم الحكومات بالاستجابة برفع الضرائب ورفع الرسوم حتى تزيد الواردات، كما تقوم الحكومات ايضا بوقف كل اشكال الدعم وتقليل مستوى الخدمات بهدف تقليل النفقات، ويقوم الصندوق بعد ذلك بتقديم قروض فقط لانشاء البنية التحتية وتطويرها، وهى معادلات لا تخدم الدول المقترضة بقدر ما تخدم الدول المانحة من خلال الصندوق.
فالصندوق لا يكترث بالانتاج ولا التشغيل ولا يعبأ بالصناعة ولا الزراعة؛ لان هذه الروافع كان يجب ان تستهدفها الحكومات فى ظل عدم وجود شركات كبيرة اسوة بالشركات الكبيرة المنتجة، حيث تقوم الشركات من منظور الدول المانحة او الراعية للصندوق بالعمل الانتاجي، بينما تقوم الحكومات بتقديم الخدمات الاجتماعية ومشاريع البنية التحتية، ذلك لان الفكر الذى يقوم عليه الصندوق يعبر عن مصالح الدول الصناعية الذى يقوم على ليبرالية السوق، حيث تعتبر فيه هذه الدول وشركاتها وصندوف النقد العالم اسواقا، وهم وحدهم من يمتلكون الصناعة والمنشاة والمنتج، كما مطلوب من الحكومات التى تدور بفلك الصندوق ان تفتح اسواقها وتقوم على انشاء البنية التحية اللازمة لخدمة هذه المنتجات، وهى بمعادلة الضمنية التى تقوم عليها فكرة انشاء صندوق النقد الدولى والتى تقوم على المواءمة بين المنتج الدولى والمستهلك المحلى.
ذلك لان دخول المجتمعات النامية فى فلك الصندوق وبرامج الصندوق يعنى التزام هذه المجتمعات فى كل اشتراطات وبرامج هذا الصندوق، وعليه تصبح الدول رهينة لرضاه وتعمل جاهدة للاستجابة لبرامجه والخطط الظاهر منها والعميقة، كيف لا وهو الحكم الذى يمتلك شهادة التقييم ويمتلك تلك العصا القادرة على حماية العملة او خفضها واعطاء شهادة الثقة او حجبها، لذا فهو بذلك يعتبر ضابط ايقاع حركة التنمية وميزانها والمعرف الرئيسي لضوابط الصرف بمجمل محدداتها الكلية.
ولبناء حالة استدامة قادرة على تغيير هذه المنظومة فان الامر بحاجة الى مال وبشر ومنظومة عمل، فان الاعتماد على المال والبشر فقط دون ايجاد منظومة عمل قد يفيد فى شراء وقت لكن لن يصلح حالا، وقد يخدم التعاطى مع مشهد عميق لكنه لن يحقق منفعة لغايات استدامة، والعامل الوحيد القادر على بناء استدامة يتمثل فى تاطير الموارد المالية والبشرية بالمنظومة القادرة على حماية مناخات الانتاح والتصنيع والعاملة على تحقيق حالة استدامة تسجل علامات فارقة فى الانتاجية والانتاج.
وفى المحصلة فان المقررات تشير الى ضرورة تشكيل منظومة عمل تسعى لتكوين حمايات شعبية ولا تقوم على استجداء الحمايات الدولية، فان الحماية الذاتية قادرة ان تحمي منظومة العمل والعمل، ومنظومة الانتاج والانتاج، وتضمن الاهداف الاستراتيجية للدولة وليس على ضمانة الاهداف الكامنة للصندوق، فان الاستثمارات العربية كما الانسان العربى فى الخارج يقدم رسالة نجاح ولا يقدمها فى داخل مجتمعاته، فهل يتم استدراك ما يمكن استدراكه وتقوم المجتمعات النامية باصلاح منظومة العمل وايجاد حكومات برلمانية تحميها ومجتمعاتها من ضغوط الصندوق الدولى عبر ايجاد منظومة عمل تقوم على الانتاجية وليس على الريعية، وهى استفسارات مشروعة لكنها بحاجة الى ادوات توظف عبرها الارادة السياسية فى مكانها الصحيح وتقوم على اصلاح منظومة العمل فى الانتاج وفى خدمة المجتمع.