أنا أعرفه. ذاتٌ رفعت على اكتافها مئات الشباب ليُكملوا طريقهم. ذاتٌ اسمرّت جبهته وهو يقف يشرح عن الحِدس، ولم تحمه غرّته الطويلة من أشعة الشمس التي كانت تضربه في كل أوقات العمل. ذاتٌ عملت في التربية والتعليم في مدارس الحكومة لسنوات طويلة وكان أثر التعب والضنك واضحاً عليه. ذاتٌ كانت الجدية والاجتهاد واضحين عليه ولم يتركنا يوماً دون أن يؤدي مهمته كاملة.
الذات هو سلامة الحوري، أستاذ التربية الوطنية القادم من قرى اربد، درّسني بشغف واجتهاد في التوجيهي مادة التربية الوطنية وجعل من هذه المادة شيئا قابلاً للفهم بعد أن كانت نصوص كانت وديكارت تملؤها. شرح لنا الحدس مرات عديدة، ولا زلت أذكره وهو يقول أن الحدس هو الادراك المباشر للحقيقة دون معرفة أو تمييز. ولا زلت أذكر كيف كان يقول لنا أن من يشُك يُفكر، ومن يفكر فهو موجود.
نحن نستكثر على البسطاء أن يرتقوا. ونستكثر على المجتهدين أن يصلوا. نحن نعتبر الإصلاح والصلاح هو ما يحصل ونحن فيه فقط، أما ما يحصل عليه الناس فهو الفساد والتنفيع.
لست هنا لأدافع عن الحكومة ولا عن قرارها، فالحكومة تتحمل مسؤولية الخطأ او الصواب، لكنني هنا لأذكّر نفسي والأصدقاء بأننا قبل ان نُشارك معلومة او نتخذ قراراً، فلنحاول على الأقل ان نبحث لا أن ننسخ ونلصق. الإعلان الذي يتم تداوله على أنه يحمل أسس التعيين ليس صحيحا، والإعلان الصحيح موجود لمن أراد ان يبحث عنه ويجده. والشروط تنطبق عليها وتنطبق على غيرها، ويتحمل صاحب القرار بعد ذلك تبعات آلية الاختيار.
لا تأخذوا كل شيء يكتبه البعض على أنه موثوق، ابحثوا جيدا وبعدها قرروا مهما كان القرار. المهم ان لا نظلم الأشخاص مهما كان غضبنا تجاه صانع القرار، فهذا ليس عدلاً. ومن يظلم الناس بجريرة غيرهم، سيجد ولو بعد حين أثر ظلمه عليهم.