قراءة رقمية مقارَنة، موثقة بالمراجع، في ضوء التوتر القائم بين عدالة الجماهير ومتطلبات الحكم الرشيد
إعداد:
د. عادل محمد الوهادنة، MD MSc FRCPCH
مقدمة
في بيئة سياسية واجتماعية حساسة، مثل الأردن، يجد المسؤول العام نفسه وسط معادلة صعبة: بين محاسبة قانونية تُفترض مؤسساتيًا، ومحاكمة شعبية تتصاعد رقميًا، خارجة عن الأطر الدستورية. وفي ظل تصاعد دور وسائل التواصل الاجتماعي وتراجع فعالية بعض أدوات الرقابة الرسمية، تُطرح تساؤلات حقيقية:
هل ما يجري يُعزز من أولويات الوطن ويخدم المصلحة العامة؟ أم أن بعض أدوات "الضغط الشعبي” تُحيد عن هدفها وتُنتج مناخًا من التسرع والتسييس والتشهير؟
نستعرض في هذا المقال 15 نقطة رقمية فريدة، مدعّمة بالمراجع والمقارنات، تُمثّل مدخلًا عميقًا لفهم جوهر الإشكالية.
تحليل رقمي مقارن: 15 نقطة توثيقية
1. غياب التقييم الختامي لأداء المسؤول
72% من الوزراء الأردنيين (2010–2023) لم يقدّموا تقارير أداء ختامية قبل مغادرتهم المنصب.
في السويد والدنمارك، يُطلب من كل مسؤول رفع تقرير "Impact Audit” يُنشر علنًا ويُقيّم برلمانيًا.
المصدر: وزارة تطوير القطاع العام الأردنية، OECD Public Governance Review 2022.
2. تصاعد المحاكمة الرقمية
خلال عام 2023، رصد مركز حماية وحرية الصحفيين 8 موجات كبرى من المحاكمة الجماهيرية عبر "فيسبوك” و"X”.
5 منها سبّبت استقالات أو تجميد صلاحيات، قبل أي تقييم مؤسسي.
CPJ Jordan Media Watch 2023.
3. الانحياز إلى "التشهير ” على حساب "النتائج”
63% من المحتوى الرقمي المرتبط بالمسؤولين في الأردن يُركّز على الإشاعة أو الفضائح، وفق تحليل المحتوى في 2023.
في المقابل، التفاعل مع خطط الإصلاح أو مؤشرات الأداء لا يتجاوز 21%.
مركز راصد لتحليل الاتجاهات، تقرير 2023.
4. ضعف الفاعلية التشريعية للرقابة
فقط 17% من جلسات الاستجواب النيابي في البرلمان الأردني (2016–2022) أفضت إلى قرارات ملزمة.
🔸 في كرواتيا والبرتغال، تتجاوز النسبة 55% نتيجة إلزام تقارير الأداء بالتصويت البرلماني.
Parliamentary Oversight Data, IPU, 2023.
5. غياب التسلسل القانوني للمحاسبة
في 30% من حالات الإقالة أو الاستقالة (2010–2023)، لم تُستكمل أي إجراءات قانونية لاحقة، بحسب ديوان المحاسبة.
🔸 ما يؤدي إلى طمس الحقيقة، وإعادة تدوير الأخطاء دون مراجعة حقيقية.
📚 ديوان المحاسبة الأردني – تقارير سنوية.
6. قصر عمر المسؤول الإداري
المعدل الوسيط لبقاء الوزير في المنصب في الأردن هو 14 شهرًا.
في ألمانيا وهولندا، المتوسط يزيد على 30 شهرًا، ما يتيح تقييم الأداء ضمن دورات برامجية.
World Bank: Public Sector Leadership Metrics, 2022.
7. كثرة الجهات الرقابية دون تنسيق
يوجد في الأردن أكثر من 15 جهة رقابية بين قضائية وتشريعية وتنفيذية (هيئة النزاهة، ديوان المحاسبة، لجان البرلمان…إلخ).
ضعف الربط الإلكتروني والتنسيق أدى إلى فجوات رقابية واسعة.