في زمنٍ تُختطف فيه الكلمات من سياقها، وتُزرع في أرض غير أرضها، ظهر عطوفة الدكتور نواف العجارمة، أمين عام وزارة التربية والتعليم للشؤون التعليمية أثناء المقابلة على شاشة التلفزيون الأردني، بهيبة العالم، ووقار الإداري الحصيف، متحدثا عن رؤية واضحة، وسياسات تربوية تنحاز للميدان التربوي، وتعلي من شأن المعلم، وتثمن دعم الحكومة الأردنية الذي منح الوزارة دفعة ثقة ومجال عملٍ أرحب.
وحين طُرح عليه سؤال عن أسباب هذا العطاء الوفير من الحكومة تجاه المعلمين وكأن هذا الدعم لغايات في نفس الحكومة، ففهم المغزى من السؤال وهو الكيِّس الفَطن بأن المقصود طوي صفحة نقابة المعلمين إلى ما لا نهاية، أجاب كما يجيب أبناء القرى والبوادي حين تزدحم المعاني وتتقدم الأمثال على سواها، استعان بمثل شعبي أصيل: (اللي حبَّلها يولِّدها)، تعبير فصيح في مضمونه، شفيف في مقصده، يرمي إلى أن العودة تبدأ ممن كان سببًا في التوقف، وأن الخير يبدأ من حيث انفرط العقد.
المعنى واضح، والدلالة ناصعة، والنية طاهرة لا تشوبها شائبة، ما صدر منه يُحمَد عليه، لا يؤوَّل ضده.. فالأمثال تراث الشعوب الحي، تنقل حكمة الأجيال، وتُختزل فيها التجارب بعبارات نابعة من نبض الناس.
لكن بعض الأصوات اعتادت التصيد في الماء الصافي، فتوهمت أن البساطة ضعف، وأن الوضوح ثغرة.. فتنة التأويل أشد وقعا من الكلمة ذاتها، ومن رامَ الطعن بحث عن منفذ في الضوء.
الدكتور نواف العجارمة قدم موقفا يليق برجل دولة، عبر بأمانة عن واقع يراه عن قرب، وتكلم بنبرة من حمل الأمانة على كتفيه وعينه على المستقبل.. في حضوره تُقرأ الحكمة، ومن لسانه يُستقى البيان، وفي حديثه وضوح لا يداخله غموض.