بقلم الدكتور الكاتب الإعلامي: عدنان متروك الشديفات
بالأمس، كانت الهاشمية على موعد مع الفرح الوطني، مع الوفاء والانتماء، ومع الأمسية التي اجتمعت فيها القلوب على حب الوطن والقيادة، كنا في بيت مملوء بالعز لا يغيب، في حضرة المعزب الدكتور غسان الزيود، رئيس جمعية الشهيد راشد الزيود التطوعية الخيرية الثقافية، ذاك الرجل الوطني الوازن، صاحب الخلق الراقي والحضور الذي لا يُشبه إلا الأردنيين الأصلاء.
وما أن وطئت أقدامنا المكان، حتى استقبلنا الشعر قبل البشر، فقد تزين أحد جدران البيت بشطرٍ من شعر الشاعر الراحل حبيب الزيودي، كتب بخط المحبة والوفاء، كأنما هو من روح المكان، وكان المقطع الشهير من الأغنية الوطنية "يا دار ملاها العز لا هانت ولا هنا” يتردد صداه في القلب قبل الأذن، ليكون مدخلًا صادقًا لأمسية لا تُشبه إلا الأردن، ولا تحتفي إلا بعزه وكرامته.
لم يكن اللقاء عادياً، بل كان بحجم الوطن، بحجم الوفاء المغروس في قلوب أبناء الأردن لقائدهم الهاشمي، جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، بالأمس الهاشمية اتجهت بمحبتها نحو قصر الهاشمية، نحو قصر القيادة والرمزية، لتقول بصوت واحد: نحن على العهد باقون، ومحبّتنا لا تعرف زيفاً ولا تراجعاً.
اجتمع أبناء الوطن من شتى أصولهم ومنابتهم، فكان والد الشهيد راشد في الصدارة، ورافقه نخبة من بشوات القوات المسلحة الأردنية المتقاعدين، وأساتذة من الجامعات الأردنية، وإعلاميون أقلامهم لا تكتب إلا للوطن، إلى جانب وجهاء وشيوخ وأكاديميين، ومحامين، وتجار، ومستثمرين، ومؤثرين اجتماعيين، كلهم جاءوا يحملون قلباً واحداً، وولاءً واحداً، وهوية أردنية لا تتبدل.
اللقاء كان عفويًا حدّ الولاء، وصادقًا حدّ النخوة، فكان لا بد للمعزّب أن يميط اللثام عن الأردن كما يجب، وذلك بحضور الأستاذ محمد صبيح الزواهرة الذي أدار الحوار ببراعة مع المحاضر الدكتور محمد عيسى العدوان، رئيس مركز عمان والخليج للدراسات الاستراتيجية، والمدير العام الأسبق لمركز التوثيق الملكي الأردني الهاشمي، الدكتور العدوان أبحر بالحضور في محاضرة وطنية راقية، امتدت لأكثر من ساعتين، وضع خلالها كل قلبه في الدفاع عن الوطن وسرديته، وفتح صفحات من التوثيق الوطني والذاكرة الأردنية، لينير بها العقول، ويجيب عن تساؤلات طالما دارت في خُلد أبناء هذا البلد.
الحوار لم يكن عابرًا، بل كان معرّجًا على أهمية التوثيق كركيزة في صناعة الهوية الوطنية، وعلى دوره الحيوي في دعم صُنّاع القرار وتعزيز السردية الأردنية الأصيلة، في زمن باتت فيه الرواية الحقيقية للبلدان حاجة لا رفاهية.
ومع نهاية المحاضرة، لم تنتهِ المحبة، بل ازداد اللقاء دفئاً وكرماً وطيباً حين اجتمعنا على المائدة الأردنية، على المنسف الذي قُدّم على الطريقة الزيودية الأصيلة، والكنافة على طريقة الفقرا، لتكون الأمسية بكل تفاصيلها محملة بعطر الأرض وكرمها.
كانت تلك الليلة أكثر من أمسية، كانت حالة وطنية خالصة، عبّرت فيها الهاشمية عن ولائها الراسخ، ومحبتها المتجددة، وكانت على العهد مع الهاشمية، ومع القيادة، ومع الوطن، كما كانت دائماً .