في توقيت بالغ الحساسية، وبينما كانت الحاجة ملحّة لإعادة هيكلة المشهد البلدي والمحلي، جاء قرار وزير الإدارة المحلية، المهندس وليد المصري، بتشكيل اللجان المؤقتة لمجالس المحافظات والمجالس البلدية، كخطوة إصلاحية نوعية، تحمل في جوهرها رسالة واضحة: الكفاءة أولًا، والانتماء الفاعل لا المجاملة.
هذا القرار لم يكن مجرد إجراء روتيني لملء الفراغ الإداري، بل جاء مدروسًا بدقة، مبنيًا على قراءة واقعية للمرحلة، ويعبّر عن إرادة سياسية متقدمة تنحاز لأبناء الوطن من أصحاب الخبرات والقدرة الحقيقية على الإنجاز. فإشراك النخب المتخصصة من المتقاعدين العسكريين والمعلمين، إلى جانب تمكين الشباب، ليس إلا تعبيرًا مباشرًا عن توجه حكومي واضح نحو التحديث النوعي، والمأسسة الرشيدة.
القيادات المتقاعدة... حضور دولة لا غياب موقع
إن إدراج عدد من القادة العسكريين والمدنيين ممن خدموا في مواقع متقدمة في محافظاتهم، يعكس فهمًا عميقًا لطبيعة التحديات على الأرض، وقدرة هؤلاء على التعامل مع الملفات المحلية بشفافية وحزم. هؤلاء لم يغادروا مواقع المسؤولية، بل عادوا إليها من بوابة الخدمة المدنية الطوعية، ليكملوا رسالتهم في البناء والتطوير. ووجودهم في هذه اللجان المؤقتة هو بمثابة صمام أمان إداري وخدمي، يضمن عدم توقف عجلة العمل ولا انحرافها.
المعلمون... ضمير المجتمع وأصحاب الرؤية
في بلد يفتخر بمنظومته التعليمية، جاء قرار إشراك المعلمين كتحية احترام لفئة ساهمت في بناء الإنسان الأردني، وزرعت القيم في أجياله. ولم يكن ذلك مجاملة، بل اختيارًا وطنيًا لذوي الرؤى المتزنة والمواقف الثابتة، ممن عرفوا بالتجرد والانتماء، وهي خصائص يحتاجها العمل البلدي أكثر من أي وقت مضى.
الشباب... ليسوا زينة القرار بل عموده الفقري
وما يميز هذا القرار أكثر من أي شيء آخر، هو تخصيص تمثيل فعلي للشباب في اللجان المؤقتة، بما يترجم الخطاب الوطني إلى فعل ملموس. فالشباب اليوم لم يعودوا ضيوف شرف على طاولة التنمية، بل أصبحوا شركاء حقيقيين، ومساهمين مباشرين في صناعة القرار، ضمن نهج يعكس توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني الداعمة لتمكينهم في مختلف مواقع الدولة.
إعادة الثقة... وتعزيز الشرعية الشعبية
إن هذه الخطوة الجريئة تعيد الاعتبار لفكرة المجالس المحلية كمنصات حقيقية لخدمة الناس لا لتجميدهم، وتعيد الثقة بين المواطن ومؤسسات الحكم المحلي. فاختيار الكفاءات لم يكن نابعًا من حسابات ضيقة، بل من نظرة وطنية استراتيجية تدرك أن التحدي الأكبر ليس في الحل، بل في من يدير المرحلة التالية.
رسالة إلى كل مسؤول: الإنجاز هو المعيار
بقراره الأخير، يكون الوزير وليد المصري قد وضع معيارًا جديدًا لاختيار المسؤولين: لا مكان للمتكئين على الألقاب، ولا دور لمن يفتقرون إلى الرؤية. وحدهم أصحاب الإنجاز والسمعة الطيبة والقدرة على العطاء، هم من يتقدمون الصفوف، ويكلفون بحمل الأمانة.