هو فارس لم يعرف الانحناء، وضابط سطّر المجد في ميادين الشرف، إنه الشهيد المقدم فناطل ثنيان المحارب، أحد رجالات الجيش العربي الذين صاغوا من البطولة سيرة، ومن الولاء قصة لا تموت.
وُلد المحارب عام 1919، والتحق بالخدمة العسكرية في 30 آب 1938، فكان من أوائل من حملوا سلاح الوطن، ووهبوا العمر لخدمة ترابه.
تنقل في مواقع متقدمة في الجيش، فتولى قيادة كتيبة الدبابات الثالثة، كما تقلد منصب قائد الحرس الوطني.
وخلال مسيرته، توشح بوشاح المجد، ونال أرفع الأوسمة العسكرية، ومنها:
وسام الإقدام العسكري
وسام النهضة من الدرجة الأولى
وسام الكوكب الأردني من الدرجة الأولى
وسام الاستقلال من الدرجة الأولى
وسام العمليات الحربية في فلسطين
وشارة ذكرى الحرب العالمية الثانية 1939–1945
وسام الدفاع البريطاني
وسام الخدمة العامة في فلسطين
وسام تقدير الخدمة المخلصة
شارك في معارك 1948 في فلسطين، وكان أحد أبطالها المغاوير، حتى أن الزعيم العربي جمال عبد الناصر خصه بالإشادة في مذكراته، مستذكرًا مواقفه الجريئة في ساحات القتال.
شهد أحداث عام 1956، وبقي صامدًا، ثابت الموقف، منحازًا للوطن وقيادته، حيث بعث برقية تأييد إلى جلالة الملك الحسين بن طلال قبل أسبوع فقط من حادثة غيابه المأساوية.
في صباح يوم 12 أيلول 1970، وفي خضم أحداث أيلول الأسود، امتدت إليه أيادي الغدر لتختطفه من منزله، واختفى في ظروف غامضة، لم يُعرف إلى اليوم مصيره، ولم تُحدد الجهة التي اغتالته، لكن اسمه بقي مشعلاً في ذاكرة الوطن.
المؤرخ الراحل سليمان موسى وثّق هذه الحادثة في كتابه "أيام لا تُنسى"، مؤكدًا أن اختفاء المقدم فناطل جاء ضمن سياق تصفيات مؤلمة في تلك المرحلة، وقد بقي اسمه مدوّناً في سجلات القيادة العامة على أنه "مفقود".
ومع ذلك، لم تندثر سيرته. فقد ترك خلفه مذكرات بخط يده، سجّل فيها أحداث الحروب التي خاضها، لتبقى شاهدًا حيًا على التضحيات والانتماء الصادق.
واليوم، اسمه يتصدر النصب التذكاري لشهداء قبيلة بني صخر في لواء الموقر، محفورًا على الحجر كما هو محفور في القلوب: بطل وُلد من رحم الرجولة، وعاش فارسًا، وفارق الحياة شهيدًا في سبيل الوطن.
سلامٌ على روحك الطاهرة،
وسلامٌ على كل دمٍ زُرع في تراب الوطن فأنبت كرامةً وحرية.