يُعَدّ الحوار المنظَّم مفتاح التفاهم بين الأحزاب سواء في ما بينها أو مع المستقلّين وسائر مكوّنات المجتمع فهو حجر الزاوية في بناء بيئة سياسية صِحيّة قائمة على التفاهم والتكامل بعيداً عن منطق الإقصاء ٠ يسهم الحوار في إزالة سوء الفهم وتبديد الشكوك سواء بين الأحزاب نفسها أو بين المواطنين والأحزاب إذ لا يزال الإقبال على الانخراط الحزبي ضعيفاً تحيط به الريبة والشك ٠ ومن خلال النقاش المباشر يتيح الحوار لكل طرف الاطّلاع على وجهات نظر الأطراف الأخرى ما يُرسِّخ روح الشراكة الوطنية ويزرع الثقة ويُشعر الجميع بأنّهم جزء من مشروع وطني جامع .
في غياب الحوار تتفاقم الاختلافات وتتحوّل إلى خلافات حادّة تقود إلى أزمات أمّا الحوار المنظّم فيوفّر وسيلة سِلميّة حضارية لتبادل الأفكار وتقريب وجهات النظر وحل الإشكالات ويعزّز الاحتكام إلى المنطق بدل التشنّج والتعصّب ٠
إن تقارب وجهات النظر ينعكس مباشرةً على الاستقرار العام ويجعل القرارات الصادرة أكثر قبولاً واحتراماً كونها ثمرة توافقات حقيقية لا إملاءات من طرف واحد أو تفاهمات ضيّقة تحكمها المصالح الخاصة ٠
لا تقتصر الديموقراطيه على صناديق الاقتراع بل تشمل أيضاً القدرة على الحوار والتلاقي والتوافق للوصول إلى الحلول الصائبة ٠ إنّ الحوار المنظَّم بين الأحزاب بمختلف توجّهاتها السياسية والفكرية ومع المستقلّين يعكس نضج التجربة السياسية ويُحَوِّل المنافسة إلى فرصة للتطوير الجماعي البنّاء وهكذا تتعزّز المشاركة الشعبية وتُبنى الثقة بالأحزاب إذ يشعر المواطنون بالاطمئنان عندما يرون حواراً جادّاً وشفّافاً يجمع مختلف الأطياف ما يرفع منسوب الثقة ويحفّزهم على الانخراط بحماس أكبر في الحياة العامة وصناعة القرار .
ومن هنا تأتي أهمية وجود منصّات متطوّرة وشاملة تستوعب جميع فئات المجتمع وتؤسّس لحوار مجتمعي هادف يساهم في صياغة رؤية وطنية جامعة ويعزّز ثقافة النقاش البنّاء والتفاعل الإيجابي .
إنّ الحوار المنظّم ليس ترفاً سياسيّاً بل هو ضرورة وطنية لتقريب الرؤى وتوحيد الجهود وتحويل التنافس إلى تكامل كما يسهّل عملية دمج الأحزاب المتقاربة في الرؤى والفكر بما يحقق المصلحة الوطنية العليا خاصّةً في ظل العدد الكبير من الأحزاب المتشابهة في التوجّهات والبرامج.