في زمننا الحالي، أصبحت التكنولوجيا عنصرًا أساسيًا في حياة كل إنسان، من التواصل الاجتماعي إلى التعليم، ومن الذكاء الاصطناعي إلى تطوير التطبيقات والبرمجيات. ومع هذا التحول الرقمي الكبير، لم يعد من الممكن فصل اللغة عن التكنولوجيا، لأن اللغة هي الواجهة الأولى التي يتعامل بها الإنسان مع هذه الأدوات.
من هنا تأتي أهمية وجود اللغة العربية في هذا العالم الرقمي المتطور.
اللغة العربية، بما تحمله من عمق وتاريخ وثقافة، لم تكن غائبة عن هذا المشهد، بل بدأت تشق طريقها بثبات.
بفضل تقدّم تكنولوجيا المعلومات، ومع ازدياد استخدام الإنترنت، أصبح من الممكن نشر المحتوى باللّغة العربيّة على الإنترنت بشكل سهل وسريع، مما أسهم في زيادة الوعي باللّغة العربيّة، وتعزيز استخدامها، وجعلها متاحة أمام جميع الأفراد على اختلاف معارفهم.
وهذا يدفعني للتساؤل: هل تواكب اللغة العربية فعليًا كل هذه التطورات التكنولوجية السريعة أم أن هناك فجوة لا تزال قائمة بينها وبين العصر الرقمي؟
الاهتمام بتطوير الذكاء الاصطناعي باللغة العربية أصبح أمرًا ضروريًا.
كثير من الشركات اليوم تسعى لتحسين قدرات فهم اللغة العربية في الروبوتات والمساعدات الذكية، لأن السوق العربي ضخم ومتنوع.
وجود بيانات عربية عالية الجودة يساهم في تعليم الآلات كيفية فهم اللغة بلهجاتها المختلفة، وهذا يعكس مدى تفاعل اللغة العربية مع التطور العلمي والتقني، رغم التحديات.
لكن هل يكفي دعم الشركات الكبرى، أم أننا كشباب نحتاج أن نأخذ زمام المبادرة أيضًا ونكون جزءًا من هذه الحركة؟
في المقابل، لا يمكن إنكار وجود فجوة رقمية كبيرة بين المحتوى العربي والمحتويات باللغات الأخرى، مثل الإنجليزية أو الصينية.
المحتوى العربي على الإنترنت لا يزال محدودًا من حيث الكم والنوع، وهذا يفرض علينا كشباب عربي أن نكون جزءًا من الحل، من خلال إنتاج محتوى رقمي عربي متميز، والمشاركة في تطوير التطبيقات والخدمات باللغة العربية. وهنا يظهر سؤال مهم: كيف يمكننا دعم المحتوى العربي فعليًا في الفضاء الرقمي؟ وهل يكفي أن نكون مستهلكين للمعلومة، أم أن دورنا يجب أن يتجاوز ذلك نحو الإنتاج والمشاركة في صنع المعرفة؟
في تجربتي الشخصية كمستخدم للتقنية، أواجه أحيانًا صعوبات في العثور على مصادر عربية موثوقة في مجالات مثل البرمجة أو الذكاء الاصطناعي.
هذا يدفعني للتفكير بجدية في أهمية المساهمة في هذا المجال، ليس فقط باستخدام الأدوات، بل بالمشاركة في صناعتها. وأتساءل: هل يجب أن يكون التركيز في هذه الصناعة فقط على الفصحى، أم أن من المفيد دمج اللهجات المحلية لتقريب التكنولوجيا من المستخدمين وجعلها أكثر واقعية وسهولة في التفاعل؟
يمكن القول إن اللغة العربية والتكنولوجيا لا يجب أن تكونا في صراع، بل في تكامل.
كل ما نحتاجه هو وعي جمعي، وقرارات جريئة، وإيمان بأن اللغة هي مفتاح المستقبل، وليست مجرد تراث من الماضي. والسؤال الذي يبقى في ذهني هو: ما هو دور المؤسسات التعليمية والحكومات في جعل اللغة العربية جزءًا حيًّا من المستقبل التكنولوجي، لا مجرد رمز ثقافي محفوظ؟