التميّز ليس صدفة، والإبداع ليس حكرًا على أحد، والريادة ليست مسارًا مفروشًا بالورود، بل هي نتاج رؤية داخلية عميقة ترى في النفس شيئًا يستحق أن يُولد، ويكبر، ويُضيء. كثيرون أولئك الذين تراجعوا خطوة بعد إخفاق بسيط، وقرروا أن الفشل نهاية، بينما في الحقيقة، هو بداية إنسان يعرف كيف ينهض أقوى مما كان.
النجاح ليس سهلًا، لكنه ليس مستحيلًا. هو طريق بين الإرادة والتخطيط، بين أن تقول "أستطيع" وتبرهن ذلك بالفعل. الإنسان الذي يريد أن يكون مختلفًا عليه أن يؤمن بأن التميز خيار، وأن صناعة الأثر واجب، وأن البصمة لا تترك في الورق فقط، بل في عقول وقلوب من حولك.
في سوق العمل، لم يعد التخصص وحده كافيًا. المهارات اللينة، كاللباقة، والقدرة على الحوار، وبناء العلاقات، أصبحت شروطًا رئيسية للنجاح، وربما مفتاحًا للفرص الأكبر. حين تصنع لنفسك أسلوبًا مميزًا، وسلوكًا راقيًا، وتفكيرًا مرنًا، ستُفاجأ بكمّ الأبواب التي تُفتح أمامك، وبكمّ العقول التي تبدأ برؤيتك بشكل مختلف.
ولنبدأ من الجذور، من المرحلة الأكاديمية الأولى، وتحديدًا "مرحلة التوجيهي"، التي لا تزال تُثقل كاهل الطلبة وأهاليهم. هناك خطأ شائع يرتكبه كثير من أولياء الأمور حين يمارسون ضغطًا نفسيًا سلبيًا على أبنائهم، ظنًّا منهم أن التهديد أو المقارنة أو التوبيخ طريقٌ للنجاح. بينما الحقيقة أن الدعم، وبث الثقة، وتوفير بيئة نفسية آمنة، هي القواعد الذهبية التي تصنع طالبًا ناجحًا وسويًا في آنٍ واحد.
الطالب بحاجة إلى من يخبره كل يوم: "أنت تستطيع"، "أنت الأفضل"، وليس من يُذكّره دومًا بنقاط ضعفه أو يُقارنه بفلان وعلان. لا تقارن نفسك بالآخرين، بل قارن نفسك بنفسك، قارن اليوم بالأمس، وقِس النجاح بمقدار الخطوة التي تقدّمتها، لا بعدد المرات التي سبقت بها الآخرين.
وأخيرًا.. النجاح ليس أن تصل، بل أن تُبقي أثرًا. أن تزرع ما يجعلك حاضرًا حتى بعد غيابك، وأن تصنع من ذاتك مشروعًا ملهمًا لمن بعدك. لا تنتظر أن يصفق لك أحد، فقط امضِ واثقًا، فصوت إنجازك سيصل أبعد من أي تصفيق.