نخاطبكم اليوم لا من باب الانتقاد، بل من باب الألم. من واقعٍ نحياه لا نقرأه، ومن أصوات الطلبة وصرخات الأمهات وآهات الآباء الذين باتوا يشعرون أن أبناءهم يُزَجّ بهم في معركة لا طرفَ لهم فيها.
امتحانات هذا العام – كما في الأعوام الأخيرة – كانت أشبه بحرب طاحنة، لا تقيس الفهم بل تصطاد الضعف. صعوبة الأسئلة لم تكن مبررًا للتحفيز، بل كانت مصدرًا للانهيار. والطالب – وهو في مقتبل عمره – يُسأل وكأنه في كلية هندسة، لا في مرحلة مصيرية يُفترض أن تؤهله لا أن تحطمه.
أما أنتم، وزارة التربية والتعليم، فبدل أن تكونوا السند والمعين، أصبحتم خصمًا في ساحة تتنازع فيها مصالح وأجندات، ساحةٍ يتحول فيها التعليم من رسالة إلى معركة.
وعلى الجانب الآخر، هناك المنصات التعليمية، التي وإن وُجِد فيها من يسعى للربح، فقد قدمت في المقابل من المحتوى والدعم والجهد ما لم تقدمه مدارس رسمية كثيرة، فتجاوزت الوزارة في الشرح والشرح المضاد، وفي القرب من الطالب. لكن بدل أن تحتضن الوزارة هذه الجهود، اختارت أن تُقصيها، وأن تُعلنها حربًا لا مبرر لها.
ووسط هذا كله، من أنقذ التعليم؟
إنهم أولياء الأمور. هؤلاء الجنود المجهولون الذين فتحوا بيوتهم للعلم، وفرّغوا ساعاتهم لأبنائهم، وطرقوا كل باب بحثًا عن معلومة أو أستاذ أو منصة أو حتى مراجعة مجانية. لولاهم، لكان التعليم اليوم في الحضيض، ولكانت الفجوة أكبر مما نتصوّر.
يا وزير التربية والتعليم واعلم هذه المناداة تستخدم للبعيد .
نحن لا نطالب بتسهيل لا معنى له، ولا نؤيد الغش أو الاستسهال. بل نطالب بإنصاف، بعدالة في التقييم، وبأن يُبنى الامتحان على المنهج لا على فُتات أفكار معقدة. نريد تعليمًا ينهض بالبلاد لا أن يترك أبناءها حائرين، منهكين، فاقدي الثقة.
رسالتنا هذه ليست صرخة يأس، بل محاولة أخيرة لإنقاذ ما تبقى من الثقة. فإما أن نعيد معًا هيبة التعليم وروحه، أو نتركه يغرق في بحر من النزاعات والخسارات.