حين تُذكر الكفاءة ويُستشهد بالنزاهة ويُطلب الرأي الحصيف، يبرز اسم اللواء الركن المتقاعد إبراهيم باشا المواجدة (أبو صدام)، ذاك القائد العسكري الذي ترجل من ساحات الميدان، ليواصل رسالته بين الناس بصوت العقل، وحكمة القائد، وثبات النشمي الأردني الأصيل.
وُلد المواجدة عام 1954 في عراق الكرك، منبت الرجولة والشجاعة والكرامة. ومنذ نعومة أظفاره، تشرب من معين القيم الهاشمية والعشائرية، فحمل سيف العز في يده، وسراج الحكمة في فكره. التحق بالقوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، فكان جنديًا ثم ضابطًا ثم قائدًا، لم تلوثه المناصب، بل زادته تواضعًا وإصرارًا على خدمة الوطن.
من العسكرية إلى الوطنية
التحق اللواء الركن إبراهيم المواجدة بالقوات المسلحة بتاريخ 16 تشرين الأول 1973، وظل فيها حتى تقاعده بتاريخ 31 كانون الأول 2012، وقد وصل إلى رتبة لواء ركن مظلي.
خلال مسيرته، نال المواجدة شهادة الثانوية العامة – الفرع الأدبي، ثم حصل على بكالوريوس في العلوم العسكرية من جامعة مؤتة عام 1991، وتوّج مسيرته الأكاديمية بالحصول على درجة الماجستير في الأمن الوطني من جامعة الدفاع الوطني في كوريا الجنوبية عام 2008.
تميّز خلال خدمته العسكرية بالحزم والانضباط، وبقدرته العالية على إدارة المواقف واتخاذ القرار تحت الضغط، وكان قدوة في الميدان ومرجعًا في القيادة والتكتيك العسكري.
قائد المهام والمسؤوليات
تقلد المواجدة عشرات المناصب القيادية والوظائف الحيوية خلال خدمته، منها:
مساعد رئيس هيئة الأركان المشتركة / رئيس هيئة الإسناد اللوجستي
قائد المنطقة العسكرية الشرقية
قائد القوات الدولية في ارتيريا/إثيوبيا
آمر مدرسة الملك طلال العسكرية
قائد لواء الأمير زيد بن الحسين
قائد كتيبة المظليين 91
مدير أركان لواء الملك عبدالله المظليين 37
رئيس شعبة التدريب والعمليات في قيادة القوات الخاصة الملكية
كما شارك في دورات نوعية داخل الأردن وخارجه، أبرزها:
دورة حرب خاصة تأسيسية (الصين)
دورة مشاة متقدمة (الولايات المتحدة الأمريكية)
دورة الأمن الوطني (كوريا الجنوبية)
دورات في المظليين، الصاعقة، الاستخبارات، وأمن الحماية الخاصة
أوسمة وشارات الشرف
نال اللواء الركن إبراهيم المواجدة عدة أوسمة وشارات تقدير من الدولة والقوات المسلحة، منها:
وسام الاستقلال من الدرجة الثالثة
وسام الكوكب من الدرجة الثانية
وسام الاستحقاق العسكري من الدرجة الرابعة
وسام الأمم المتحدة لمشاركته في قوات حفظ السلام الدولية
شارة الكفاءة القيادية والتدريبية والإدارية
شارة تقدير الخدمة المخلصة
رجل الصلح والعرف
بعد التقاعد، لم يكن إبراهيم باشا المواجدة غائبًا عن الساحة، بل واصل حضوره كأحد أعمدة الإصلاح الاجتماعي والعشائري في الكرك ومناطق الجنوب. حضوره في الجاهات والصلح العشائري كان دائمًا مصدر احترام، لما يحمله من هيبة القائد وحكمة المصلح ونبل الرجل الأردني الأصيل.
استثمر تاريخه الطويل في الجيش، ومكانته العشائرية، ليكون صمام أمان في كثير من النزاعات، وسفير النوايا الطيبة في المجتمعات المحلية، وهو ما جعله محط أنظار كل من يطلب الحكمة والفصل في القضايا.
نموذج يُحتذى
إبراهيم باشا المواجدة ليس مجرد اسم عسكري عابر، بل نموذج للقائد الذي لم تُغره المناصب، ولم تُغيره الألقاب، بل ظل وفيًا للأردن وللعرش، ومحافظًا على قيم التضحية والولاء والانتماء.
في زمن تتغير فيه الوجوه وتتبدل المبادئ، يبقى أمثاله علامات مضيئة، تشهد لهم ميادين العسكر وجاهات الصلح، وموائد البسطاء، وذاكرة الوطن.
تحية مستحقة
السلام على من توشح جبينه بشعار الجيش العربي، ونذر نفسه ليكتب لنا أبجديات الأمن والأمان.
نحن أمام مسيرة مفعمة بالعمل والعطاء، لقائد من طينة الرجال الكبار.. رجل أخلص للوطن في زمن الوفاء، وكتب اسمه بحروف العز في سجل الشرف الأردني.
كل التحية للواء الركن إبراهيم باشا المواجدة.. ذلك النجم الذي ما زال يضيء بريقه في قلوب الأردنيين.