ما يثير الحيرة والدهشة أن الشيخ عقلة بن حرب المرايات لفت الأنظار منذ صغره ، فقد ظهرت عليه صفات الذكاء والفطنة والفهم والإدراك والكرم والطيب والشهامة ؛ رغم ضيق الحال و الفقر المدقع الذي كانت تعيشه الأسر قديما آنذاك .
والعجيب أن هذه الشخصية صعبة من بعيد ، و لكنها سهلة الوصول إليها ، بمعنى أنها ذات شخصية تصادمية ولكنك حين تقترب منه تكتشف أنه صاحب قلب كبير و هو رجل ذو مكانة في عشيرته يتمتع بالرزانة والكياسة والكرم و الجود وطيبة النفس .
وُلِدَ الشيخ عقلة حمد حرب المرايات (أبو محمد) عام ( ١٩٥١) في الطفيلة و عرف بأسمه المختصر عقلة بن حرب و هو من وجهاء ومشايخ الأردن يستمد أبن حرب وجاهته في عشيرته القطيفات من يده البيضاء وكرم عطائه .
عرف بذلك منذ حداثة سنه و يعرف أبن حرب ببلاغته ورجاحة رأيه؛ لذلك تبوء مكانة مرموقة في مجتمعه ، فقد كان وما زال بيته -رحمه الله- بيتاً لكل أبناء الأردن وعشيرته، فهو مقصد كل صاحب حاجة ومشكلة يعرفه الصغير قبل الكبير فنصح (أبو محمد) وعطف يده تمتد للصغير قبل الكبير.
عمل في الزراعة وتربية المواشي ويتحدث عن نفسه فيقول:" أنني ارعى أسرة كبيرة ومعاش الموظف لا يتناسب وشؤون الأسرة مما جعلني أستمر في مهنة الأباء والأجداد الزراعة ".
ولم يهمل أبن حرب الجانب التعلمي والدراسة، فهو صاحب بعد نظر بعيد وسديد وفراسة ملفتة للأنظار ، فوجه أبناءه للدراسة من أراد منهم على أن يكمل معه العمل في الزراعة و تربية المواشي .
كانت شخصيته ملفتة للأنظار عندما تقترب منه تتعجب كثيراً من شخصيته المنفتحة على كافة فئات المجتمع ، و عندما يلتقي أحداً سرعان ما يدعوه إلى بيته لإكرامه ، فبيته مشرع للجميع ، يدخله الكبير و الصغير، الذكور والإناث، متأثرةً زوجته وابناءه به في الكرم و طيبة اللسان وزكية القلب وحليمة المواقف ، كما وصفه البعض بأنه كريمٌ جوادٌ يستقبل الناس في أي وقت ، فهو والد للجميع .
يحضر مناسبات الإجتماعية من إفراح وأتراح ، بشكل لافت ومنفتح على العمل الخيري والإجتماعي المتمثل في مشاركاته في جاهات الصلح وجاهات الزواج ، حيث عُرف عنه دعوته دائما بضرورة التوفير على الزوج وعدم تكليفه خاصة في ظل الظروف الصعبة ، كما عُرف عنه أنه يحل المشاكل بين الزوجين قبل تأزمها بصورة سرية قبل أن تخرج للعلن .
لاحظ البعض إتصافه بسمات موروثة في الكرم و القيادة و الشجاعة و الجرأة خلال مشاركاته في جاهات إصلاح ذات البين التي كان يشارك فيها منذ عقود داخل الطفيلة وخارجها .
اتصف بأنه يفضي على الجلسة الفرح والطمآنينة ينصت جيدا للمتحدث إليه و هو متحدثٌ ذات فهم واسع للذي يحاوره ، حيث ترجم تلك الصفات والسمات في قيادة عشيرة المرايات .
دأب على لملمة الشمل، فهو لا يفرق بين ابنائه وأبناء جميع العشائر، يقف معهم على مسافة واحدة ، حيث كان يستشار من عشيرته وأبناء العمومة في كثير من القضايا ؛ كونه صاحب شخصية متمرسة في المجال الإجتماعي ، كما كان ينتدب للتحدث في كثير من جاهات إصلاح ذات البين و الزواج من قبل أبناء عمومته ليتحدث بإسم الجاهة .
يقدم الخير للجميع و يتصدق على الفقراء واليتامى حتى أنني سمعت عنه كثير من قصص الكرم والطيب ووصفه البعض بأنه جوادٌ كريمٌ مع اليتامى والفقراء والمساكين .
شارك في العديد من القضوات العشائرية وساهم في حل الكثير من المشكلات بين أبناء محافظته والأردن بشكل عام .
أنشأ جمعية مزارعي الطفيلة ( ١٩٨٤) ثم بدأ مسيرة أخرى مع الأتحاد العام لمزارعي الأردن من العام ( ١٩٩٧) حتى وفاته وكان له الأثر الكبير والبصمة الواضحة في الوقوف لجانب المزارعين، توفي رحمه الله في الشهر الثامن من العام (٢٠١٦) وكانت جنازته مهيبة حضرها كثير من المشيعين .
اسأل الله أن ينزل على قبره شآبيب الرحمة والغفران ، فقد كان كريما على أقربائه وانسبائه وجيرانه والجميع داخل الطفيلة وخارجها، وأسال الله أن يجزيه خير الجزاء على ما قدم من أعمال خيرية وأن يصبغ على ابنائه الصحة والعافية و يحفظ نسله وذريته وأن يجعلهم من أهل الخير والصلاح.