في شوارع المدن، لم يعد التسوّل يعكس دائمًا الحاجة، بل أصبح في كثير من الأحيان مهنة تُمارس بطرق مقنّعة تستغل تعاطف الناس، وتسرق من المحتاجين الحقيقيين فرص النجاة.
تعددت المشاهد، من "شهود زور" يدّعون المرض، إلى متسولين محترفين بأزياء أنيقة وأساليب مدروسة، حتى بات الناس يتعاملون مع كل سائل بالريبة والصدّ. لكن وسط هذا الزيف، هناك من يموت في صمت لأن أحدًا لم يصدّقه.
قصة الطفل الصغير التي هزتني ولا أعلم حقيقتها فقط انها تروى خير شاهد. فقد كان هناك طفل يبكي بحرقة عند إشارات المرور، يطلب مالًا لشراء دواء لوالدته المريضة. تجاهله الجميع، اعتقادًا بأنه مجرد ممثل آخر في مسرح التسوّل. وبعد أيام، انتشر الخبر المؤلم: والدته فارقت الحياة.
ما بين المتسول المخادع والمحتاج الحقيقي، ضاعت البوصلة الأخلاقية. وأصبح الفقر يُختبَر بعيون الناس لا بحقيقته. إن ظاهرة التسوّل المقنّع لا تضر فقط بالمجتمع، بل تهدد قيم التضامن والرحمة.
المطلوب ليس فقط أن نُحسن العطاء، بل أن نُحسن التمييز، لأن حياةً قد تُفقد بسبب "نظرة شك" خاطئة.