حين يخرج بلال العجارمة على شاشة "الوطن" عبر التلفزيون الأردني، متحدثًا بلغة الناس، بلهجتنا المعروفة، بعيدًا عن التصنع والتكلف، فإنه لا يقدم مجرد حديث إعلامي... بل يقدّم رسالة وطنية صادقة تُلامس وجدان الأردنيين، تلك اللغة البسيطة التي لا تنفصل عن عاداتنا وتقاليدنا وأعرافنا الاجتماعية، هي جزء أصيل من الهوية الوطنية التي ما زلنا نحملها بكل فخر.
لكن في زمنٍ أصبحت فيه الهويات تُجزأ، والانتماءات تُحرّف، يتعرض أمثال بلال لهجمات شرسة من "قوى خفية" لا نعرف من يقف خلفها، قوى تسعى إلى تشويه الأصوات الصادقة، وبث الفرقة، وتحويل الوطن إلى ساحات من الجدل العقيم، والتشكيك في النوايا.
بلال لم يكن يومًا خصمًا لأحد، ولم يفرض نفسه على المنابر، لقد دُعي بكل احترام إلى لقاء في الجامعة الهاشمية — هذا الصرح الذي نعتز باسمه ودوره — لتقديم رؤية مُلهمة تعكس أهمية الإعلام في ترسيخ الهوية الوطنية، وبناء وعي الشباب الأردني، واللقاء لم يكن محاضرة علمية جامدة، بل كان جلسة محبة، عفوية، نابعة من القلب، تتحدث بلغة البسطاء وتشبهنا جميعًا.
لقد تحدث بلال بما يشعر به الكثير منّا، بلغته، ولهجته، وأسلوبه القريب، لم يكن حديثه أيديولوجياً، ولا تقليداً لنخب تتكرر، كان صادقاً ، ولذلك أصاب في رسالته، فهل المطلوب أن ننتظر من الشباب أن يكونوا "محترفين" قبل أن نسمح لهم بالتعبير عن انتمائهم؟ وهل الوطنية باتت حكراً على من يجيدون الخطابة؟
السؤال الجوهري الذي يجب أن يُطرح: متى سنعطي شبابنا المساحة ليتحدثوا عن الوطن؟ متى نؤمن بقدراتهم قبل أن نحاسبهم على أسلوبهم؟
بلال، في لقائه، لم يسعَ للشهرة، بل قدّم محتوى ينطلق من حب الوطن، من الحرص على ثقافتنا ولهجتنا وعاداتنا، من الدفاع عن ما تبقى لنا من ملامح قبل أن تذوب في عصر الحداثة الرقمية المتسارع، فهذه الرسائل التي تُعبّر عن عمق الانتماء الوطني، تستحق أن تُدعم، لا أن تُنتقد.
كل الشكر للجامعة الهاشمية التي فتحت لهذا الصوت مساحة، وكل الامتنان لبلال العجارمة... لأنك ببساطة، تشبهنا.