في ستينيات القرن الماضي، شهدت العاصمة الأردنية عمان نقلة نوعية في بنية تحتها التحتية، كان أبرزها مشروع الصرف الصحي (المجاري)، الذي كان له دور بارز في تحسين ظروف الحياة في المدينة، واستعدادها لاستقبال موجات النمو الحضري السريع التي شهدتها.
قبل هذا المشروع، كانت عمان تعاني من غياب بنية تحتية متكاملة لخدمات الصرف الصحي، مما كان يؤثر على صحة السكان والبيئة بشكل عام. كانت العديد من المناطق تعتمد على أساليب بدائية لإدارة النفايات، مثل الحفر التقليدية، وهو ما كان يعرض السكان لمخاطر صحية وبيئية.
بدأت فكرة مشروع الصرف الصحي في العاصمة عمان تتبلور مع ازدياد عدد السكان، وتوسع المدينة في تلك الفترة، ما استدعى تدخلًا حكوميًا لوضع حل جذري. في عام 1960، بدأت أولى خطوات المشروع في حي جبل عمان، حيث قامت الحكومة بتأسيس شبكة من الأنابيب لتوصيل المياه الملوثة إلى محطات معالجة متخصصة. ومع مرور السنوات، توسعت الشبكة لتشمل مناطق أخرى من العاصمة، حتى غطت العديد من الأحياء والمناطق السكنية.
كان تنفيذ هذا المشروع تحديًا كبيرًا في تلك الفترة، إذ تطلب استخدام تقنيات حديثة في مجالات الحفر والتركيب، بالإضافة إلى استقدام الخبرات الفنية اللازمة. كما كان المشروع جزءًا من خطة شاملة لتحسين الحياة الحضرية، وتحقيق التنمية المستدامة.
وقد ساهم هذا المشروع في الحد من العديد من المشاكل الصحية التي كانت تعاني منها عمان، مثل انتشار الأمراض الوبائية والمشاكل البيئية الناتجة عن تراكم النفايات. كما ساعد على تحسين جمالية المدينة ورفع من مستوى النظافة العامة، مما جعلها أكثر جذبًا للمستثمرين والمقيمين.
وبفضل هذا المشروع، أصبحت عمان مثالًا على التطور الحضري في منطقة الشرق الأوسط، حيث تحولت إلى مدينة ذات بنية تحتية قوية تدعم النمو الاقتصادي والاجتماعي. اليوم، تواصل العاصمة الأردنية الاستثمار في تطوير شبكات الصرف الصحي لتلبية احتياجات سكانها المتزايدة، لكن مشروع المجاري في الستينيات يظل علامة فارقة في تاريخ المدينة.