تُعد الجمعية الأردنية لرياضة الصيد واحدة من أبرز مؤسسات المجتمع المدني التي نجحت في المزج بين شغف الهواية ومتطلبات حماية البيئة، حيث تأسست عام 2014 كجمعية غير ربحية مسجلة لدى وزارة البيئة ووزارة الزراعة ، لتكون ثاني جمعية رسمية في المملكة تُعنى برياضة الصيد وتنظيمها بما ينسجم مع القوانين الوطنية والمعايير البيئية. وقد استطاعت خلال سنوات قليلة أن تضع بصمتها في المشهد الرياضي والبيئي والاجتماعي، من خلال رؤيتها الواضحة ورسالتها التي تقوم على استعادة التوازن الطبيعي للكائنات الحية وتنمية الوعي المجتمعي بأهمية حماية الطبيعة.
رسالة الجمعية تتجاوز حدود الصيد باعتباره هواية أو رياضة، فهي تسعى إلى استعادة أعداد الطيور والطرائد البرية إلى مستويات مستدامة، وإلى تنشئة جيل جديد من الهواة المدركين لمسؤولياتهم تجاه البيئة، إضافة إلى توعية المزارعين بخطورة المبيدات والأسمدة على التنوع الحيوي، وتشجيع الصيادين البحريين على اتباع أساليب صيد مستدامة تحافظ على الثروة السمكية. كما تعمل الجمعية على مد جسور التعاون مع مختلف الجهات الرسمية، وفي مقدمتها الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، ووزارة البيئة والزراعة لضمان وجود تشريعات فاعلة تنظّم نشاط الصيد وتحمي البيئة الأردنية.
وقد تميزت الجمعية بأنشطتها المتنوعة التي جمعت بين الطابع الرياضي والترفيهي والتوعوي. فقد نظمت مخيمات في غابات برقش وسيل الحسا وسد الكرامة، هدفت إلى تعزيز التواصل بين الأعضاء وتبادل الخبرات وإحياء روح المغامرة، مع الحرص على الامتناع عن الصيد في مثل هذه اللقاءات لترسيخ مبدأ احترام الطبيعة. كما أقامت بطولات للرماية حملت أسماء وطنية وملكية مثل بطولة المسدس الرمضانية الأولى على شرف الأمير محمد بن طلال، وبطولة الأميرة تغريد محمد الثانية، إلى جانب مشاركتها في بطولات كبرى حصلت فيها على مراكز متقدمة، وهو ما عزز حضورها الرياضي وسمعتها بين مؤسسات الرماية في المملكة.
ولم يقتصر نشاط الجمعية على المجال الرياضي، بل امتد ليشمل مبادرات بيئية وإنسانية لافتة، من أبرزها مشاركتها في يوم الشجرة وزراعة الغراس ضمن الحملة الوطنية لزراعة مليون شجرة بالتعاون مع وزارة الزراعة، إلى جانب إطلاق مسابقات ثقافية إلكترونية لزيادة الوعي بالطبيعة والطيور، وتنظيم إفطار رمضاني للأيتام في مخيم حطين في بادرة إنسانية تؤكد قيم التكافل الاجتماعي. كما حظيت الجمعية بمتابعة واسعة من وسائل الإعلام المحلية والعربية، حيث سلطت القنوات الفضائية والصحف الضوء على أنشطتها بوصفها نموذجًا متقدماً للجمعيات التي توفق بين الهواية والمسؤولية الوطنية.
وعلى الصعيد الرسمي، شهدت الجمعية لقاءات مهمة مع شخصيات قيادية أبرزها اجتماع رئيسها وأعضائها مع رئيس الديوان الملكي الأمير يوسف العيسوي، في إشارة واضحة إلى تقدير الدولة لدورها في الحفاظ على البيئة وتعزيز العمل التطوعي. كما وسّعت دائرة شراكاتها مع القطاع الخاص وعدد من المؤسسات الوطنية والدولية، وساهمت في اجتماعات الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة بمنطقة غرب آسيا، مما منحها بعدًا إقليميًا إضافيًا.
اليوم تقف الجمعية الأردنية لرياضة الصيد كإطار جامع لهواة الصيد ومحبيه، ولكن برؤية جديدة تجعل من الرياضة وسيلة للحفاظ على التنوع الحيوي وبناء علاقة متوازنة مع الطبيعة. إنها قصة نجاح أردنية بامتياز، تستمد قوتها من العمل الجماعي وروح الانتماء والقدرة على تحويل التحديات البيئية إلى فرص للتعاون والمبادرة، لتبقى نموذجًا يُحتذى في كيفية الجمع بين متعة الهواية وواجب المسؤولية.