بين بدايه عهد الحسين وعلو مجده تشابكت الاحداث وتداخلت النتائج لكن مع كل وقفه مفصليه سجلها الحسين عند كاتب التاريخ كانت تحمل دائما قصه انجاز إما لوطنه وعروبته او إحتسبت لقيمه ومبادئه او ذهبت تجاه رسالته ومسيرته وهذا ما جعل من عهده يحفر فى التاريخ رسالة امة فى وطن ، وما بين الظرف الموضوعي ما حمله من تحديات والعامل الذاتي الذى كان بحاجه لرعايه خاصه تعنى بالتنشه وتستلهم الهجرات اكانت فترة الملك حسين التى امتدت 47 عام والتى امضاها على سده الحكم منتقلا بين هذه المنزله السياسيه لتساعده على البناء وتلك المكانه الدوليه التى تسعفه فى التحصين وبقى يعمل من اجل المحافظ على الرايه العربيه التى ورثها عن سلالة اجداده ومحافظا على الجغرافيا السياسيه للدوله الاردنيه وثابتا على موروثه الانساني والقيمي ورافعا رايه للتنميه التى اساسها الانسان والذى عظمه بشعار (الانسان اغلى ما يملك) وهو ما شكل للملك حسين عامود الثروه واساس النهضه .
فلقد بدا عهد الحسين فى الحكم بعد نهايه الحرب العالميه الثانيه وسلم عهدته مع نهايه الحرب العالميه الثالثه او ما يعرف بالحرب البارده وما بين التوجه الجمهوري للولايات المتحده والاتحاد السوفيتي لبيت القرار العالمي برز التباين بين نماذج العالم الملكيه والنماذج الجمهوريه التى جاءت مع هذا التحول وكانت هنالك مناخات مغايره ايضا عن تلك التى جاءت اثناء فتره انتقال امريكا لحكم العالم بشكل احادي فالمناخات التى جاءت مع الحرب البارده كانت مناخات استخباريه متضاده وحملت متغيرات جوهريه على المنطقه وطبيعة انظمتها بينما جاءت حكم الولايات المتحده للعالم بطبيعه مغايره وتستلزمها ادوات ووسائل اخرى قادره على التعاطى والتعامل معها من خلال حسن استجابه ذو طابع مرن يستجيب لكن مع ثبات على المبدا والمنطلق .
حيث انتقل فيها بين القرار الاقليمي من منظومة نظام عربي هاشمي مؤيد دوليا ما بعد الحرب العالميه الاولى الى منظومه عربيه مركزها القاهره كما استهدفت فيها الانظمه الملكيه المؤيده بالموروث لصالح انظمه جمهوريه محاطه شعبيا وهذا ما جعل من اليات التوجه ونهج الخطاب تكون مغايره بالشكل والمضمون كما وطبيعة النظره الشعبيه لزاويه الاحتكام تكون مختلغه عن ذي قبل كما اختلفت معها ارضيه العمل وعناوينها وتتباين مقاييسها من نماذج وحدويه الى نزعات استقلاليه واخذ هذا التباين يشكل حالة تضاد بين الصوت الوطني التاثير والاطار القومي الناظم للاثر .
ووسط هذه الاجواء المتغيره كان على الملك حسين الموائمه بين الجغرافيا السياسيه التى تقف عليها تطلعات رسالته والجغرافيا السياسيه التى يقف عليها فى الاردن هذا اضافه الى حاله القطبيه التى ولدت مناخات طارده للملكيه وجاذبه للنماذج الجمهوريه وهى التحديات التى اثرت بشكل كبير على الركائز الذاتيه التى كان يجب عليه المراعاه فيها بين مقومات الاستقطاب وموجبات التحصين لتحمل سياسيه الملك الحسين فى حينها اللون الرمادى الذى يمتلك هامش المناوره بين المحيط الشعبي بتطلعاته القوميه الجمهويه وهو الاقرب للاتحاد السوفيتي فى المجمل وبين مركزيه قراره وعمق توجهاته التى يتطلع فيها على توجهات عمق الدوله العالمي .
وهذا ما جعل من استراتيجه عمل الملك حسين تقسم الى فترتين الاولى فرضتها مناخات الحرب البارده والثاني جاء مع احاديه القرار الامريكي فى بيت القرار واما فتره الحكم الاولى فى عهد الملك الحسين فلقد تعاطت مع المشهد العام باستجابه احترازيه واتخذت من الاحتراز الضمني وسيله لها لتشكيل نظام حوصله مجتمعيه بحيث تكون مناعه للاختراق وتقوى من اوتادها الداخليه وتعمل على تحصينها جراء المناخات الضديه المعاكسه لتقديراتها .
وهى مرحله تقسم الى سبعه فصول سياسيه بدات حيث تعمق المتغير الاقليمي مع بدايه التغير فى مصر واخذت بتشكيل روابط منعه سياسيه واستراتيجه فى تمكين الاستقلال من الناحيه الامميه وفى تعريب الجيش من الناحيه الاعداديه وربط خطوط استراتيجيه مع بريطانيا بموجب اتفاقيه عسكريه وبدات بتشييد المؤسسات التعليميه والجامعيه والنماذج الصحيه والطبيه والمرافق الخدماتيه العامه وبناء مؤسسات الدوله والمحافظه على نهجهها النيابي ضمن نماذج توصلها مع نهجهها الدستوري الذى يقوم على النيابيه الملكيه وذلك طيله فتره الاحكام المركزيه .
وهو ماجعلها من الدوله التى حافظت على مكانتها ورسالتها ضمن مرونه اداء جعلها تجنح لليمين فى حرب حزيران فتكون مع بيت القرار العربي فى القاهر على الرغم من حسابات الملك حسين فى حينها المغايره عن حاله الاجماع العربي لكن الملك اراد ان يكون مع الاجماع العربي فكان هذا الانحياز فحوى قراره والمفصل الاخر كانت عنوانه الكرامه التى عملت على استعادة كرامة الامه ومجدها وما تلها من فتنه اقتتال المصالح العربيه على الاراضي الاردنيه فى ايلول وما حملتها من تبعات داخليه وهو ما حملها الاردن ودفع فاتورتها والمفصل الاخر كان مفصل مركزي شكلته حرب اكتوبر بنتائجها ومن ثم دخول العرب بفصل السلام فى عهد السادات ثم جاء من بعد ذلك قرار فك الارتباط وانتهى المشهد بوقوف الاردن مع ثابت قيمه العروبيه فى حرب الخليج على الرغم من استخلاصات الملك حسين في حينها لكن للاردن خصوصيه فى التقدير ولغه فى البيان كتبها كاتب التاريخ للاردن بكتاب ابيض كما يعلمها اصحاب الراى وهو ما كان عنوان الحصيله الاولى فى مفصليه حكم الملك الحسين وعلى الرغم من كل هذه الاجواء الصاخبه كان الاردن الاول فى التعليم والاول فى الصحه ومتقدم فى الزراعه والصناعه وكما فى خدمات المرافق العامه مقارنه مع دول المنطقه ولا يحمل كاهه ديون تذكر يمكنها ان تعيق حركته وميزان نموه حتى دخل الملك حسين فى عهد جديد بدا بمصالحه مع نهايه الحرب الاستخباريه العالميه البارده والتى انتهت بانتهاء المد السوفيتي وسقوط حائط برلين واحتلال العراق .
وهى المرحله التى شكلت الفصل الثانى من عهد الحسين والتى كانت المحطه الاجمل فى مسيرته عندما كان هنالك توافق سياسي عام مع اصحاب الراى وبيت القرار وانتهى فصل معارضه الحكم واصبح الحديث حول معارضه الحكومات وهى ذات المرحله التى شكلت منطلق انفراج معيشي واقتصادي على الرغم من التحديات الموضوعيه التى فرصتها اجواء الحصار المرافقه لتداعيات حرب الخليج الثانيه وما فرضتها من عوامل ضاغطه لكن عوده العائدين من الخليج ادت الى نمو فى حجم الناتج القومي مما شكل حركه اقتصاديه نشطه واكبها ارتفاع غير مسبوق فى مستويات الدخل هذا اضافه الى عوده الحياه البرلمانيه الى شريانها ومكانها من بيت القرار فى العبدلى واطلاق مناخات الحريات وقانون الاحزاب السياسيه وهى العوامل الذاتيه التى شكلت حواضن داعمه للنظام السياسي جعلته ينتصر على المحيط الضاغط وجعلته يسجل انتصارات مهمه فى المحافل الدوليه لتعود الاردن وتاخذ زمام المبادره من جديد ويقوم بدور مركزى ومحورى فى عمليه السلام ويشكل الثقل المركزي الذى يعتمد عليه المجتمع الدولي والعربي فى تقريب التباينات متضاده وتغليب المصلحه السلميه على المصالح النفعيه ويتحول الصراع العربي الاسرائيلي من صراع وجود عدائي الى حوار سياسي وفاقي مع دخول للكل العربي فى جولات تفاوض من اجل السلام وهو ما يعد تحول استراتيجي مفصلى فى المشهد العام وفى صياغه الاحداث .
وتنتقل فى عهد الحسين رساله الاردن الموضوعيه العقلانيه لتشكل المرتكز فى بناء جواء سلميه وسليمه للمنطقه وشعوبها وتبشر بالخير والامان وتعمل من اجل التنميه وازدهار المنطفه وهذا ما شكله محور مؤتمر عمان الاقتصادي الذى شكل منطلق حقيقي للمنطقه وشعوبها حيث كانت الاردن نعم الداعم المركزى لقضيتها المركزيه (الوطنيه) من خلال مشاركتها بتعاضد ومسؤوليه مع القياده الفلسطنيه فى كل منعطفات التفاوض ودخولها باشتباكات محموده مع الاطراف الراعيه والمتداخله لاحقاق النصره لقضيتها العادله وكان ذلك مع كل المفاصل السياسيه التى المت بالمنطقه والتى عصفت بالمتغيرات الذاتيه والموضوعيه فى عناوين او روافع القضيه المركزيه .
ولقد شكلت القدس على الدوام عند الملك الحسين مزيج مزج بين الحاله الوجدانيه والمبادىء القيميه التى شكلت فى نهج الحسين بوصله سياسيه وفى فكره رابطه عقائديه حملها معه فى كل المحافل الاقليميه والدوليه وعمل على نصرتها كما على صيانتها واخذت قبة الصخره تجسد فى عهده صوره ذهبيه لتكون مناره ترشد الرجل السياسي عن احتلال مازال يجثم عليها كما تدل صاحب الموقف الانساني بضروره انصافها والانتصار لها باعتبارها تشكل انتصارا لصوت العداله على حساب سوط القوه وتبقى القدس مناره كل الاديان فى ظلال الوصايه الهاشميه ورعايتها .
وكما شكل الحسين ظاهره سياسيه وتاريخيه فى حياته شكلت جنازته المهيبه تظاهره سياسيه عندما شارك فيها رؤساء وقادة العالم اجمع تخليدا لذكراه واحتراما لنهجه حيث شكلت هذه التظاهره التاريخيه بمضمونها السياسي والمنهجي دلاله الوفاق والاتفاق حول عنوان الرساله التى حملها الحسين الراحل والتى آلت من بعده لجلاله الملك عبدالله الثاني ومن خلفه الاسره الاردنيه الهاشميه بالنسب او التبعيه .