من الامراض والمشكلات الاجتماعية القديمة الحديثة المتحورة والتي تتخذ عدة أشكال في انتشارها داخل المجتمعات وفقاً للتغير الاجتماعي في الزمان والمكان مشكلة تعاطي وحيازة المخدرات .
لا يخفى على أحد حجم الاضرار التي تُرتبها هذه الآفة على الصّحة العامّة للفرد والمجتمع على حد السّواء، ومدى تأثيرها على صعيد التماسك المجتمعي وتأثيراتها السلبية أيضاً في إنشار الجرائم المجتمعية وارتفاع مستويات العنف المجتمعي واستغلال للأفراد والاتجار بالبشر، ناهيك عن التكلفة الباهظة لعلاج المدمنين عليها. وانتشار الجرائم المنظمة لهذه الافة.
تظهر أحدث البيانات والمعلومات المتوافرة عن خطورة هذه الافة في الظرف الاستثنائي الذي يُمر به العالم أجمع ما كشفه التقرير العالمي الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لعام 2021 عن تعاطي 11% فى حين عانى أكثر من 36 مليون شخص من اضطرابات تعاطى المخدرات. من سكان العالم للمخدرات وكشف التقرير ايضاً عن مدى الارتباط بين تأثير جائحة كوفيد -19 وتنوع طرق المتاجرة بها ؛ إذ شهدت سوق المخدرات استئنافاً سريعاً للعمليات بعد تعطيل أوليّ في بداية الجائحة؛ حالة من الانفجار أدت إلى إثارة أو تسريع ديناميات معينة موجودة مسبقا على امتداد سوق المخدرات العالمي. ومن بين تلك: زيادة في شحنات أكبر من المخدرات غير المشروعة، وزيادة في تواتر الطرق البرية والبحرية المستخدمة في التهريب، وتوسع في استخدام الطائرات الخاصة لغرض الإتجار بالمخدرات، وطفرة في استعمال طرق غير تلامسية في تسليم المخدرات إلى المستهلكين النهائيين.
وعلى الصعيد الاحصائيّ أوضح التقرير مدى الارتباط بين انخفاض إدراك مخاطر تعاطي المخدرات وارتفاع معدلات تعاطي المخدرات. ووفقا لآخر التقديرات العالمية، فإن حوالي 5.5 % من سكان العالم الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و64 سنة تعاطوا المخدرات مرة واحدة على الأقل في العام الماضي، في حين 13 % من العدد الإجمالي للأشخاص الذين يتعاطون المخدرات، يعانون من اضطرابات تعاطي المخدرات. من جانب آخر، يُعزى نحو نصف مليون وفاة في العالم إلى تعاطي المخدرات. ويرتبط أكثر من 70% من هذه الوفيات بتعاطي المواد الأفيونية، فيما تتجاوز نسبة الوفيات الناجمة عن أخذ جرعات زائدة منها 30%.
تُعدُ نبتة القنب الهندي من أكثر الأنواع المنتشرة في تعاطي المخدرات خلال الجائحة الى جانب نبتة الهيروين التي أعتبرت سبب لكثير من الاضرار الناتجة عن تعاطي المخدرات من بينها الكثير من الوفيات أضافة الى تعاطي الكوكايين. والاستخدام غير الطبي لأدوية المهدئات.
على الصعيد الوطني كشفت احصائيات مديرية الامن العام عن تسجيل 12815 قضية مخدرات منذ مطلع العام الحالي وتم ضبط 6196 شخصا في قضايا تعاطي المخدرات والاتجار بها وفي عام 2020 سجلت جرائم المخدرات ارتفاعا مقارنة مع العام 2019 بنسبة 2.85% بفارق 555 جريمة وفي هذا الصدد لا بد من التأكيد من انّ الأردن لا يزال يمثل نقطة عبور لتهريب المخدرات ولا يتم انتاج أي مخدرات في المملكة ، وفي سبيل مكافحة هذه الآفة تم اتباع عدد من السياسات العلاجية والإدارية والأمنية والقانونية ، منها: تعديل قانون المخدرات والمؤثرات العقلية في الأردن الذي أعفى المدمن من العقوبة إذا اعترف بنفسه وطلب العلاج، ولا تقام دعوى الحق العام على المتعاطي للمواد المخدرة والمؤثرات العقلية أو المدمن عليها إذا تقدم بنفسه أو بواسطة أحد أقاربه قبل أن يتم ضبطه. وأبرز مبررات تلك التعديلات هو اعتبار هذا القانون من القوانين الإصلاحية في المجتمع، وكنوع من الإصلاح للأشخاص الذين يتورطون أو يُغرر بهم في المرة الأولى لن يحتسب بحقهم قيد جرمي أو أسبقية جرمية، مشيراً إلى أن التوصية القانونية جاءت كسياسة عقابية من أجل اصلاح هؤلاء الأشخاص الذين يقعون بالمحظور أو يكونوا ضحية بعض الأشخاص، حتى يتم منحهم فرصة للعودة عن الجريمة مرة أخرى. إضافة الى إنشاء المرفق العلاجي من إدمان المخدرات منذ عام 1993 والذي هو محل اهتمام وعناية خاصة على المستوى الرسمي في الأردن، حيث خصصت مديرية الأمن العام الأردني مركزاً متخصصاً على نفقتها لمعالجة الإدمان، يضم 170 سريرا، ويقدم علاجا شاملاً للمتعاطين وبسرية تامة وبشكل مجاني.
وتبرز الأهمية بمكان إلى ضرورة تكاتف الجهود الوطنيّة لتحمل المسؤولية المجتمعيّة لمعالجة هذه الافة الاجتماعية إذ ينبغي أن تبنى السياسات والتدخلات لمكافحة المخدرات بشكل تشاركي وسريع الاستجابة والقدرة على التكيف للتصدي للتحديات الحالية والمستقبلية بشكل فاعل أضافة الى تعزيز الجهود المبذولة لتجار المخدرات ومعالجة الروابط المتصلة بالتهديدات الصحية والأمنية المهمة مثل الإتجار بالبشر ومكافحة الإرهاب وزيادة التثقيف لأجل سد الفجوة بين الإدراك والواقع لتثقيف الشباب والمراهقين وحماية الصحة العامة، وتوجيه الجهود بشكل أفضل لمنع تعاطي المخدرات وعلاجه، التي باتت تؤثر بشكل واضح على معدلات الجرائم الاجتماعية داخل المجتمع .