في بيت عرار.. جمعية سيدات أربيلا تحتفي برائدة
العمل التطوعي فايزة الزعبي
نيروز – محمد محسن عبيدات
في أمسية ثقافية عامرة بالوفاء، احتفت جمعية
سيدات أربيلا الثقافية بالمبدعة الإربدية فايزة الزعبي، رائدة العمل التطوعي وحاملة
الوسام الملكي، وذلك ضمن برنامجها الدوري "مبدعات إربديات" الذي استضافته
أجواء بيت عرار الثقافي، بحضورمدير تنمية محافظة اربد محمد ابو طربوش و الاستاذ الدكتور وائل التل ورئيسة الجمعية منى رزق حتاملة، وعدد كبير من الأدباء
والمثقفين والمهتمين بالشأن الاجتماعي.
أدارت الحوار الناشطة الاجتماعية غادة بكار
التي قدمت السيدة الزعبي بوصفها "سيدة استثنائية منحت عمرها لأعمال الخير، وظلت
تمثل رمزاً من رموز العطاء النسائي في إربد والأردن". وقدم مفرادات الحفل باقتدار الاستاذ موسى النعواشي .
بدايات مبكرة محفوفة بالتأثير الملكي، تحدثت
المكرّمة فايزة الزعبي عن بداياتها مع العمل التطوعي، قائلة: "دخلت هذا المجال
وأنا في الثامنة عشرة من عمري، ولم أشعر يوماً أنه عبء أو مسؤولية ثقيلة. كان دافعي
الأول حب الخير الذي غرسه في داخلي أهلي، وتحديداً والدتي التي كانت تحثني دوماً على
مساعدة المحتاجين."
وتستذكر الزعبي موقفاً شكّل نقطة تحول في
مسيرتها، حين زار المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال "رحمه الله" مبرة
إربد، حيث التقاها وسأل عنها، قائلة: "جلس جلالته معنا مطولاً، ووجه لي كلمات
مشجعة لا تزال تتردد في داخلي حتى اليوم. كان لهذا اللقاء أثر بالغ في نفسي، وحافزاً
عظيماً لمواصلة العمل التطوعي بلا كلل."
وترى الزعبي أن بيئة المدرسة أسهمت أيضاً
في بلورة شخصيتها التطوعية: "كنت أساعد زميلاتي منذ طفولتي، وأشارك في صندوق الطالب
الفقير، وأتعلم من معلماتي ومديراتي أن الخير لا يكتمل إلا إذا شاركنا الآخرين فيه."
كما لم تنسَ أن تشير إلى دعم زوجها الراحل
الذي وصفته بـ "الرفيق المثقف والتربوي الناجح"، مؤكدة: "كان سندي الأول،
ومؤمناً بقدراتي، وداعماً لمسيرتي في كل مراحلها."
تحمل الزعبي وساماً ملكياً تقديراً لعطائها
الممتد، إلا أنها ترى أن الإنجاز الحقيقي يكمن في الأثر الإنساني: "أغلى وسام
بالنسبة لي هو الدعاء الصادق من أم محتاجة، أو ابتسامة طفل شعر بالأمان والفرح. هذه
المشاعر لا يضاهيها أي تكريم."
وعن مسيرتها الطويلة، تضيف بثقة: "لم
أشعر يوماً بالفتور أو التعب، بل على العكس، كل تجربة وكل مبادرة كانت تزيدني حماساً
وإيماناً بأن خدمة الناس هي أعظم رسالة يمكن أن يحملها الإنسان." وعن فلسفتها في الحياة، أكدت الزعبي: "أنا
لا أكره أي إنسان على وجه الأرض، وأحب جميع الناس بلا استثناء. منذ صغري عاهدت نفسي
أن أزرع الحب في كل مكان أكون فيه، وأن أجعل من خدمة وطني رسالة أبدية لا تنتهي."
في ختام اللقاء، أكدت رئيسة الجمعية منى رزق
حتاملة أن تكريم السيدة فايزة الزعبي "ليس مجرد احتفاء بشخصية نسائية مميزة، بل
هو تكريم لتاريخ طويل من العطاء الإنساني الذي أسس لثقافة التطوع في المجتمع المحلي".
أما الحضور فقد أجمعوا على أن الزعبي تمثل
نموذجاً مضيئاً للمرأة الأردنية، التي استطاعت أن تجمع بين دورها الأسري والاجتماعي،
وأن تظل رمزاً يلهم الأجيال الجديدة.
وقالت الزعبي في رسالتها الأخيرة للحاضرين:
"العمل التطوعي لا يحتاج ثروة أو منصباً، بل يحتاج قلباً نابضاً بالحب. رسالتي
للشباب أن يبدؤوا من الآن، فالعطاء لا يُقاس بالكِبر، بل بالنية الصافية والعمل الصادق."
وعن سيرة
ومسيرة الفاضلة فايزة الزعبي "أم الرائد". فهي قامة وطنية واجتماعية وتربوية
وثقافية بامتياز ، وهي واحدة من أعمدة العمل التطوعي والخيري في محافظة إربد والمملكة
الأردنية الهاشمية. فهي امرأة استثنائية كرست حياتها لخدمة وطنها وأبناء مجتمعها، حيث
امتد عطاؤها لعقود طويلة، تميزت خلالها بالعمل الدؤوب والرؤية الثاقبة، ما جعلها تحظى
بتقدير رسمي وشعبي واسع. بدأت الزعبي مسيرتها المهنية كمدرسة ثم مديرة في مدارس التربية
والتعليم، حيث أمضت ثلاثين عاما في خدمة التعليم، تاركة أثرا عميقا في نفوس طلابها
وزملائها. كانت مثالا للمعلمة القائدة، تسهم في بناء الأجيال وتوجههم نحو التفوق والإبداع.
لم تقتصر جهودها على التعليم فحسب، بل امتدت لدعم الطلبة المتفوقين والمحتاجين في جميع
المراحل الدراسية، بدءا من المرحلة الأساسية وحتى التعليم الجامعي. في مجال العمل الاجتماعي،
فكانت من أوائل المؤسسين لمبرة الملك حسين عام 1960، ومنسقة إربد والقصبة في تجمع لجان
المرأة الوطني الأردني. كما شغلت عدة مناصب قيادية، منها: رئيسة الاتحاد النسائي لمحافظة
إربد لعدة دورات. رئيسة جمعية الأسرة البيضاء. رئيسة ملتقى المرأة للعمل الثقافي. نائب
رئيس لجنة القرش الخيري في محافظة إربد. أمين سر جمعية مبرة الملك حسين الخيرية. عضو
الهيئة الإدارية في جمعية أصدقاء بنك العيون. عضو اللجنة العليا لجمعية بيت الحكمة
لرعاية مرضى السرطان الصحية. عضو جمعية الفنار الخيرية. كان لفايزة الزعبي دور فاعل
في الحفاظ على البيئة من خلال عضويتها في جمعية البيئة الأردنية، إلى جانب مساهماتها
البارزة في العمل البلدي والخدمي، حيث شغلت عضوية مجلس بلدية إربد لدورتين متتاليتين،
بالإضافة إلى عضويتها في مجلس أعمال إربد. إيمانا منها بأهمية الثقافة في بناء المجتمعات،
كانت الزعبي عضوا بارزا في ملتقى إربد الثقافي ومنتدى إربد الثقافي، كما شغلت عضوية
اللجنة العليا في مؤسسة بحر العلوم للعلاقات العامة والدولية، إلى جانب عضويتها في
مجلس الأمناء في المركز الأردني للدراسات والإبداعات. ولم تتوقف عند ذلك، بل قدمت الدعم
والرعاية للعديد من الفنانين الأردنيين، إيمانا منها بأن الفن مرآة تعكس حضارة الشعوب
وهويتهم. على المستوى الدولي، مثلت فايزة الزعبي الأردن في العديد من المؤتمرات الإقليمية
والعالمية، حيث شاركت في مؤتمرات مهمة مثل: مؤتمر الطفل والمدينة بدعوة من أمانة عمان
الكبرى. مؤتمر الشبكة العربية للمنظمات غير الحكومية في لبنان. مؤتمر الخير في بيروت.
مؤتمر المنظمات غير الحكومية في القاهرة. مؤتمر حرب الخليج وأثره على البيئة العراقية
في بغداد. وفد بلدية إربد إلى الصين الشعبية للتوقيع على معاهدة توأمة مع مدينة شينغ
شو الصينية. مؤتمرات دولية في سوريا، لبنان، مصر، تونس، والعراق. كما كانت عضوًا في
عدة شبكات ومنظمات عربية ودولية مثل: الشبكة العربية للمنظمات غير الحكومية. الملتقى
العربي للعلوم الاجتماعية والصحة. المجلس العربي للطفولة والتنمية. لم تغفل الزعبي
أهمية العمل السياسي، فكانت عضوا في المجلس الوطني لحزب الجبهة الأردنية الموحدة، كما
كان لها بصمة واضحة في دعم المبادرات الدينية، حيث ساهمت في إعمار العديد من المساجد
ودعم مراكز تحفيظ القرآن الكريم. تقديرا لعطائها الكبير، حصلت فايزة الزعبي على وسام
التربية والتعليم من المغفور له الملك الحسين بن طلال، رحمه الله، إلى جانب العديد
من الشهادات والدروع التكريمية التي لا حصر لها، تكريمًا لمسيرتها المشرفة في خدمة
المجتمع.