تثير المقارنة التي قدّمها د. زيدان كفافي بين قصة سنوحي في الأدب المصري القديم، ورواية موسى في النص التوراتي، وقصة سرجون الأكدي، سؤالاً مهماً حول طبيعة العلاقة بين الأدب والأسطورة والتاريخ.
من الناحية المنهجية، يمكن التمييز بين:
1. نصوص مصرية ورافدية ذات طابع أدبي/ديني تعكس رموزاً وأساطير أكثر من كونها سجلاً للوقائع.
2. نصوص توراتية جُمعت في زمن متأخر (غالباً في عصر السبي البابلي) وحملت تأثيرات واضحة من الأدب الأقدم.
أوجه التشابه بين هذه النصوص لافتة:
الهروب والاغتراب ثم العودة (سنوحي - موسى).
الطفل الملقى في الماء والمنقذ بالعناية الإلهية (سرجون - موسى).
الانتقال من الهامش إلى القيادة والنفوذ.
وهذه جميعها أنماط تتكرر في أدب البطل المخلِّص، أكثر من كونها وقائع تاريخية مثبتة.
أما من الناحية التاريخية، فإن غياب أي شاهد أثري أو نص مصري على خروج بني إسرائيل من مصر يُرجّح أن الرواية التوراتية ذات بعد ديني رمزي، بخلاف قصة سنوحي التي تنسجم مع معطيات أثرية عن العلاقات المصرية–الشامية في عصر الدولة الوسطى.
الخلاصة:
الراجح أن النص التوراتي استقى عناصره من الأدب المصري والرافدي، وأعاد صياغتها في إطار لاهوتي يخدم هوية الجماعة الدينية. أما سنوحي وسرجون فبقيا نموذجين أدبيين أقدم جرى توظيف عناصرهما في السردية اللاحقة عن موسى.
وفي الختام، لا يسعني إلا أن أقدّر جهد أستاذنا الكبير أ. د. زيدان كفافي على إثارة هذه المقارنة القيمة، التي تفتح الباب أمام إعادة قراءة النصوص الدينية والأدبية القديمة في ضوء التاريخ والأركيولوجيا، وتغني البحث الأكاديمي بمقاربات جديدة.
وإذ انوه، نرفق طيَّه نصّ الأستاذ الدكتور زيدان كفافي بعنوان:
"سنوحي في الأدب المصري وموسى في العهد القديم"،وذلك إهداءً من الكاتب إلى صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال، حفظه الله ورعاه.