النزل
البيئي في محمية غابات اليرموك: مشروع ملكي يعانق الطبيعة ويصنع التنمية
نيروز
– محمد محسن عبيدات
في الركن
الشمالي الغربي من الأردن، حيث تلتقي الجبال الشاهقة بالأودية العميقة، وحيث تمتد الغابات
كحزام أخضر يحتضن لواء بني كنانة، يطل علينا مشروع النزل البيئي في محمية غابات اليرموك
كأحد أهم المبادرات الملكية التي جاءت استجابة مباشرة من جلالة الملك عبد الله الثاني
لمطالب المواطنين خلال لقاءاته الميدانية معهم.
النزل
البيئي يعد مشروع وطني يحمل في جوهره أبعادا بيئية واقتصادية وتنموية، ويعكس رؤية المملكة
في الاستثمار الأمثل في الطبيعة بما يخدم المجتمع المحلي ويعزز مكانة الأردن كوجهة
سياحية عالمية، حيث يمتد المشروع على مساحة 1500 متر مربع، ويتكون من مركز زوار متكامل
يضم قاعات استقبال وطعام، إلى جانب شاليهات فندقية ومطاعم حديثة صممت بروح تنسجم مع
المحيط الطبيعي. وما يميز هذا النزل موقعه الفريد في أم قيس التابعة لبلدية خالد بن
الوليد في لواء بني كنانة، حيث يقف على مرتفع يطل على بحيرة طبريا ومرتفعات الجولان
وجبل الشيخ ونهر اليرموك وسهول فلسطين، مشكلا لوحة بانورامية لا مثيل لها وتحيط به
الغابات الحرجية من كل جانب، بأشجار البلوط والبطم والصنوبر، في تناغم يربط بين راحة
الإقامة وسحر المشهد الطبيعي.
سيتيح
المشروع نحو خمسين فرصة عمل مباشرة لأبناء المنطقة، إضافة إلى عشرات الفرص غير المباشرة
عبر تنشيط قطاعات النقل والإرشاد السياحي والحرف اليدوية والتسويق الزراعي. إنه ليس
مجرد منشأة سياحية بل رافعة اقتصادية تسهم في تحسين مستوى المعيشة وتعزيز روح الشراكة
بين المواطن والمكان، كما أنه سيدفع عجلة السياحة الداخلية والخارجية في شمال المملكة،
ويرفع من معدل بقاء الزائر في المنطقة، الأمر الذي ينعكس إيجابا على الفنادق والمتاجر
والأسواق المحلية.
النزل
البيئي يشكل نموذجا متقدما للسياحة البيئية في الأردن، حيث يجمع بين متعة الإقامة وسط
الطبيعة وحماية البيئة واستدامتها. وهو ثمرة لجهود الجمعية الملكية لحماية الطبيعة
التي تسعى إلى ترسيخ ثقافة السياحة المسؤولة وإشراك المجتمعات المحلية في حماية مواردها
الطبيعية والاستفادة منها، وسيجد الزائر في المحمية مسارات للمشي بين الأشجار، وفرصة
لمراقبة الطيور والحيوانات، إضافة إلى برامج توعوية وتعليمية تجعل من التجربة رحلة
معرفية إلى جانب كونها ترفيهية.
تمتد محمية
اليرموك على مساحة تقارب واحدا وعشرين كيلومترا مربعا، وتضم أكثر من خمسمئة وستين نوعا
من النباتات، بينها الملول الذي يعد الشجرة الوطنية في الأردن، والبطم الأطلسي والدلب
الشرقي وأنواعا نادرة من الأوركيد.
أما الحياة
البرية فهي ثرية ومتنوعة، حيث يعيش فيها الغزال العربي والوبر وقط الأدغال وابن آوى،
إضافة إلى أنواع من الزواحف مثل العلجمو الأخضر والأفعى الفلسطينية، لتغدو المحمية
متحفا طبيعيا مفتوحا ومقصدا للعلماء والباحثين وعشاق البيئة.
يتميز
موقع النزل أيضا بقربه من أم قيس الأثرية وقويلبة التاريخية، مما يمنح الزائر تجربة
متكاملة تجمع بين السياحة الطبيعية والسياحة التاريخية في آن واحد. هنا يمكن للزائر
أن يعيش لحظات التأمل في حضارة ممتدة منذ آلاف السنين وهو يتنزه بين الغابات أو يتأمل
غروب الشمس على بحيرة طبريا.
إن افتتاح
النزل البيئي في محمية غابات اليرموك يمثل خطوة متقدمة في مسيرة الأردن نحو التنمية
المستدامة، حيث تتكامل فيه الرؤية الملكية مع احتياجات المواطن وأهداف حماية الطبيعة.
إنه مشروع يعانق الأرض والإنسان في آن واحد، ويجعل من الشمال الأردني مقصدا سياحيا
عالميا يروي قصة التنوع والجمال.